إيمان السيد تكتب.. متاهة عصر المنابر
بقلم/ إيمان السيد
مرحبا بكم أيها السادة في عصر فريد من نوعه،عصر شمل الكثير من الاضطرابات والتشتت الفكري فهذا عصر المتاهه، ولو انه يعز علي وصف هذا العصر بالمتاهه إلا أن على المرء أن يدرك هذه الحقيقة، إذ وُلدنا وترعرعنا في زمن كان آباؤنا يعرفون من هو شيخهم الذي يتشاورون معه في الدين، ومن هم المذيعون الذين يستمعون إليهم لنشرة الأخبار، وكذلك الرجال السياسيون ورجال الاقتصاد الذين يستمعون لتحليلاتهم. كان رجال الدين والسياسة في تلك الحقبة معروفين نظرًا لقلة عددهم.،ولكن اليوم، أيها السادة، في عصر التشويش الفكري، أصبح الجميع داعية إسلامي، وخبير سياسي، واقتصادي، ورياضي، فقل لي بربك من الجمهور المستمع لطالما الجميع محللون وخبراء؟!!
كثر المنافقون والأفاقون والمتفقهون والمدلسون وتزايدت الأجيال وأعداد المواليد وقادة المستقبل وأصبح الأمر أكبر خطورة، أصبحت الأفكار مشتتة أمام الشباب، حيث يجدون أمامهم ملايين الدعاة الإسلاميين والمحللين السياسيين والخبراء الاقتصاديين.
إذا كثرت المنابر والأصوات المخاطبة للشباب وأثرت بالسلب علي عقولهم وباتت أصوات المحللين والدعاة في عقول الشباب تضارب مع أفكارهم.
وما نتج عن كثرة المحللين والدعاة وملئ العقول بأصواتهم أصبح الشاب لا يسمع أصواته الداخليه ولا يتمعن في الأمور بنفسه،فتجد شاب لا يتجاوز العشرين من عمره يشكك في دينه، وشاب يفقد هويته الوطنيه فمال الغصن عن موطنه وأصبح يرفع أعلام غير أعلام وينشد أناشيد غير اناشيد.
تجد الشباب ضائعين تائهين بين كثرة الأصوات والأفكار المتضاربة، مما يؤدي إلى اضطرابات في آمالهم وهويتهم وحتى في إرادتهم. وبالتالي، يصبح الشباب، قادة المستقبل، مجرد قطع في لعبة الشطرنج تحركها أصوات لا تدرك ما يكتبونه او ما يتناقلون على المنابر.
لذا، يجب علينا أن ندرك أن انهيار الأمم وضياع الأجيال يبدأ بتزايد أعداد الأشخاص المدعين بالعلم والخبرة على الساحة العامة، ومع زيادة عدد المناظرات والتشويش، يتم التأثير سلبًا على عقول الشباب وينتج جيل لا يعرف هويته ويفتقد تمسكه بدينه، ولا يقدر قيم وطنه، ويجهل تراثه ويتناسى تاريخه.
بمعرفتنا بأن السقوط الحضاري والانحدار يبدأ بكثرة الناطقين والمناظرات امام الشباب، وبتزايد الضجيج والتشويش الذي يؤثر في عقول الشباب، ينبغي علينا أن نعيد توجيههم نحو التفكير النقدي واحترام التنوع الفكري، ودعم قدراتهم على صون هويتهم وتعزيز إيمانهم وحبهم لوطنهم. إن وعي الشباب بأهمية البحث عن الحقيقة والتفكير المنطقي يمكن أن يؤدي إلى تشكيل جيل مستقر وواع ومنطلق نحو بناء مجتمع أفضل.