الأخبارمقالات

من صنعاء إلى القاهرة

بقلم: بيمن خليل

سأرحل من تلك المدينة إلى الأخرى
المجاورة لصنعاء حتى امتدادها
هنا القاهرة ولكن هنا أيضًا أختي
ومعصمي وذراعي وجسدي
ومن يفتر في لغة العشق دون حسدِ؟
قد نراه يركض خائفًا إلى اليمن
ومن ثم عائدًا إلى مصر
ومن ذا الذي بلا قلب من ذا الذي
دون الحساب ودون القنوع؟
أعرف أني سأهرب في يومٍ ما
ولكن إلى أين؟ لا أدري
ربما إلى الشط الآخر من القناة
وربما من العمر الآخر من الفناة
وربما لا أهرب وأظل في خوفي
أقطع زهور الورد وأستقي مر المساء
عيوني حمراء في هذه الليلة
ووسادتي مبتلة من دموعي
لا أدري كمّ البكاء في عيني
ولا كمّ الأوجاع بين ضلوعي
فالرب خلق حواء من ضلع آدم
وآدم أظنه قد تألم
فتفاحة الشيطان ليست من نصيبي
وصلاة يونان ليست في طريقي
فلغة الكلام في هذا اليوم البارد
قد تنطق على لساني المبررات
ولكني سوف أرحل من صنعاء
وأدون في مذكراتي أني طفل يائس
أشاهد النساء ربما دون ملابس
فليس العراء وحده من يقتادتني
فظلمة الأمس كانت عارية
وسقيع الليل كان بارد
وملامسة يدي ليدها دون أن تشعر
كانت أيضًا باردة
ولكنها أثلجت صدري واضطرب منها قلبي
فشؤوني في الحياة أني بلا حياة
سأرحل للقاهرة…المنيرة الباهرة
ذات النيل وذات الحياة
ففي قلب أبو الهول اشتهقت أنفاسي
فموسم الربيع قد حل
وأقمشة الصبيان تثير اشمئزازي
عيون العاهرة التي كانت تسكن أمامي
تثير شفقتي، تثير تساؤولاتي
كأنها قديسة تجرِّم ما بها
وكأنها داعرة تغازل ظلها
فمن ذا الذي بل ظل ونام جوارها؟
ظلال العمر فانية تعبث مع الشمس
والشمس صديقة الكون
ورائعة الحكاية
حكاية النهار وفي قبلته الليل
أقبل يا حبيبي إليَّ
أقبل بهدوء
فداخلي نار المدخن
وفي قلبي صلاة الخشوع
أريد قبل رحيلي أن أنير شمعة
في إحدى الكنائس المجاورة
ربما في حارة الروم قرب قديستي الجميلة
وربما في الطاحونة أو في الزيتون
بجانب عذرائي المنيرة
قالوا أن الطلبات تصنع القديسين
فماذا عني؟ ومَن مني؟
ولكني راحل، دون صلاة ودون حديث
فالله في قلبي يسكنني
كما سكن الله كل قديس
الستائر في سيارتي تالفة
ومرآة سيارتي الخلفية مغشوشة
فقد أتلفها صديق حين بي التقى
وصوت المحرك يثير عصبيتي
قد أطفأت العربة
ونزلت منها أجري
فالنار اشتعلت بها
وأظنها قد أدمعت
ولكني أدركت في لحظة أني لست أملك سيارة
فكيف دار كل ذلك..؟
فأدركت أنني أتخيل، فأحلام الفتيان
قد تشهق دون إتمام
وقد تعبر دون انتظار
وقد تحدث من العدم
فأنا الآن علمت أين سأرحل
سأرحل من صنعاء إلى القاهرة
ومن القاهرة إلى العدم
وربما لا أرحل وأستمر
في بيتي الذي يجاور العاهرة
ولكني لست بلا بيت
فكيف أتى…
ياااااه لغباوتي فعقلي يهيئ لي أشياء غريبة
فأنا لا أمتلك بيت ولا سيارة
ولست في صنعاء
ولم أذهب لليمن ولا ساعة
فأني أسكن في القاهرة مع أهلي
ولا اتذكر شيء آخر
سوى جواب من حبيبتي المحبة للمال
قبل أن تتركني وتتزوج برجل أعمال
معه أموال كثيرة…
يا له عقل فاقد للأهلية…عقلي
ولكني راحل…ولكن إلى أين، إلى أين، إلى أين؟

الوسوم

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock