كتب :نهلة صوابي
التاسع من سبتمبر ١٨٨١هو يوم”جمعة الغضب” للزعيم أحمد عرابي وصحبه، إذ قاد مظاهرته العسكرية حتى بلغ ميدان عابدين في مواجهة سراي عابدين،وكان عرابي قد حدد بشكل مسبق مطالبه التى أراد رفعها للخديو توفيق،وسجلها فى خطاب رسمي بعث به إلي وزير الحربية كما أرسل عرابى لقناصل الدول الأجنبية يطمئنهم على استتباب الأمن.
وأن المظاهرة تنظم لتسوية شأن داخلي،وأراد الحكم “الخديو توفيق” إجهاض مشروع المظاهرة، وكان الميدان يغص بالجموع الحاشدة من الأهالي الذين جاءوا لمشاهدة المظاهرة واستبد الفزع بالخديو الذى خرج محتميا بقناصل الدول الأجنبية والوزراء ونصحه نائب القنصل البريطاني بأن يخرج للميدان لتحدث هيبته أثرها في الجنود.
فنزل الخديو وصاح في عرابي أن يغمد سيفه ويترجل عن فرسه، ففعل،ثم سأله الخديو عن بغيته فقالها عرابي وكانت هذه المطالب هي إسقاط الوزارة المستبدة وتأليف مجلس نواب جديد وزيادة عدد الجيش إلى العدد الذي يقضي به الفرمان السلطاني، فرد عليه توفيق بقوله: «هذه الطلبات لا حق لكم فيها وأنا ورثت حكم هذه البلاد عن آبائى وأجدادي، وما أنتم إلا عبيد إحساناتنا.
فرد عرابي عليه قائلا: لقد خلقنا الله أحرارا ولم يخلقنا تراثا وعقارا ولن نورث أو نستعبد بعد اليوم»، وكانت نتيجة هذه المظاهرة أن نزل الخديو على بعض مطالبها، مع حرصه علي كسب الوقت بغرض التحايل على هذه المطالب، وأقال وزارة رياض باشا وكلف شريف باشا بتأليف الوزارة، وحاول الخديو فى ذات الوقت الاستقواء بالباب العالى، لكنه عدل عن هذه المحاولة خوفا من مغبتها فى الداخل حيث قام شريف باشا بالإفراج عن المعتقلين السياسيين.
وأرسل السلطان العثماني لمصر لجنة للتحقيق فيما حدث في مصر من تمرد عسكري وفي أكتوبر من نفس العام ١٨٨١ رفع شريف باشا إلى الخديو توفيق تقريرا بإجابة مطالب الأمة لإقامة النظام الدستوري بإجراء انتخابات لمجلس نواب جديد على أساس اللائحة القديمة لمجلس شوري النواب .
وفي الثامن من يناير عام ١٨٨٢ حضر شريف باشا إلي مجلس النواب، الجديد ليقدم الدستور الجديد إلي المجلس،وألقي خطابا تاريخياً ،غير أن إنجلترا وفرنسا حاولا الحيلولة دون وجود حياة برلمانية سليمة وحياة ديمقراطية في مصر دون جدوي،إلى أن قدم شريف باشا استقالته فكلف الخديو توفيق محمود سامي البارودى بتأليف وزارة جديدة فرحت بها البلاد.
و”زي النهارده”فى ٨ فبراير١٨٨٢ اجتمع مجلس النواب الجديد وحضره البارودي وقدم الدستور الجديد الذي أقره المجلس وصدق عليه الخديو وألقي البارودي خطابا تاريخيا رائعا حول الديمقراطية وضرورة تعميقها وتأصيلها.