بقلم.. د. مها السقا
استفاق العالم في أحد الأيام على أنباء واردة من بلاد العجائب “الصين” تتحدث عن فيروس جديد
و غريب يهاجم الجهاز التنفسي للإنسان بمنتهى القسوة و الشراسة، ولا يتركه إلا جثة هامدة،
و له صفات و خواص وحشية ،و تدميرية أخطرها على الإطلاق هو سرعة الانتشار عن طريق العدوى
بين الناس، بطرق متعددة ومختلفة، إما عن طريق الهواء ، وإما طريق اللمس والمصافحة ، ثم يتضح
أن له قدرة على البقاء على الأسطح، و الأجسام و الملابس ،و المتعلقات، و أنه ينتقل من شخص
لآخر عن طريق لمس تلك الأغراض .
تتواترالأنباء يوما تلو الآخر، وتتحدث عن إصابات بالآلاف ، ووفيات بالمئات، و الأعداد في تصاعد مستمر
يوميا ، و الأطباء والعلماء الصينيون يبحثون عن علاج دون جدوى . حالة من الذعر تجتاح العالم ، و الكل
يتحدث عن إمكانية انتقال العدوى من الصين إلى مختلف بقاع الأرض ، مما جعل كل دول العالم تعلق
سفر مواطنيها إلى الصين والعكس، و تتحول الصين ( بؤرة الوباء ) إلى أخطر مكان على وجه الأرض .
ثم تبدأ دول العالم – و منها مصر – في الاستعداد لاستقبال هذا الضيف الثقيل المحتمل مع بداية ظهوره
في عدة بلدان عن طريق بعض الأشخاص الذين سافروا من الصين وإليها ،أو خالطوا الصينيين .
ثم نفاجأ في أوج تلك الأزمة بخبر سفر وزيرة الصحة المصرية الدكتورة / هالة زايد إلى الصين …… محملة
بهدية من الشعب المصري، عبارة عن شحنة مستلزمات طبية ووقائية، و رسالة تضامن من الرئيس عبد
الفتاح السيسي و الشعب المصري إلى الدولة الصينية الصديقة والشعب الصينى. و يا له من خبر مثير
للدهشة ….تسافر إلى أخطر مكان على وجه الأرض بكل جرأة و ثقة وتمكث به عدة أيام ثم تعود إلى
أرض الوطن بعد تبادل الخبرات مع الجانب الصيني، و معها أيضا هدية من الشعب الصيني عبارة عن
أجهزة كشف، و مستلزمات طبية، بروتوكولات علاجية ضرورية في مرحلة استعداد الدولة المصرية في
مواجهة الأزمة القريبة المحتملة .
و الأمر الأغرب من ذلك هو أنه بمجرد وصولها إلى الصين بدأ المنحنى الوبائي في الهبوط ، حتى أعلنت
السلطات الصينية عن سيطرتها على الوباء و وصل عدد الإصابات اليومية في الصين إلي الصفر عقب
زيارة الدكتورة هالة زايد ببضعة أيام ، الأمر الذي جعل بعض الصحف العالمية تتساءل ماذا في جعبة الوزيرة
المصرية ،و تحدث الكثيرون بالداخل و الخارج عن العلاج المصري.. و لن أعلق على هذه المفارقة العجيبة
– لعدم وجود معلومة موثقة – و لكن ما أثار دهشتي و إعجابي حقا هو جرأة هذه الوزيرة وجسارتها، وحين
سئلت عن هذا الأمر أجابت بأنها تلقت تكليف السيد الرئيس بمنتهى الأريحية و السعادة، و أن ذلك الأمر
لا يكاد يذكر مقارنة بالتضحيات اليومية لرجال الجيش و الشرطة .
إنها حقا مقاتلة …ثم تدور الدائرة ويتفشى الوباء في دول العالم حتى تتحول إيطاليا إلى البؤرة الجديدة ،
ثم نفاجأ مجددا بخبر سفر الوزيرة إلى إيطاليا محملة أيضا بشحنة مساعدات ،و رسالة تضامن من الرئيس
السيسي و الشعب المصري إلى الدولة الإيطالية الصديقة و الشعب الإيطالي . إن التاريخ المصري حافل
بنماذج مشرفة و نقاط مضيئة للمرأة المصرية ، و قدر هذه الوزيرة الشجاعة – من وجهة نظري – أن تكون
أيقونة المرأة المصرية في تاريخ مصر المعاصر .
ولا عجب أن الرئيس عبد الفتاح السيسي حين يكلف وزيرة الصحة بتلك المهام الجليلة – و هو من اختارها
و يعلم قدرها – أن يكلفها بالسفر بصحبة “وفد عسكري ” لأنها حقا وزيرة بدرجة مقاتل .