حوار أجرته / د.جيهان رفاعى
_ العزل أكثر الما من المرض نفسه.
_ أطالب بتبسيط الإجراءات لاستخراج اعلام الوراثة.
_ الصحة هى استثمار المستقبل .
_ نقابة الأطباء من أسوء النقابات.
-تقف الكلمات عاجزة أمام نوعية من البشر تعيش بيننا بأرواح ملائكة اختصهم الله بصفات الرحمة والشجاعة والإنسانية ، يتقدمون الصفوف الأولى فى حرب شرسه مع عدو لا يرحم يتحور ويخادع بكل الطرق لغزو أجسادنا ، اثرنا الاختباء والانعزال فى منازلنا وتركناهم يتقبلوا المهمة وفاء للرسالة والقسم العظيم متقدمين للعدو بصدور مفتوحة لا تهاب الموت ، ومن هؤلاء الفرسان الطبيب الشهيد هشام الساكت … استاذ ووكيل كلية الطب بجامعة القاهرة الذى أصيب بفيروس الكورونا هو وزوجته الدكتورة شيرين الجيار استشارى طب الاطفال والتغذية العلاجيةبمستشفيات جامعة القاهرة … وكان لنا هذا الحوار معها للحديث عن التجربة المؤلمة التى مرت بها .
وإلى نص الحوار:
س: كانت تجربة مؤلمة يجب أن نسترشد بها لإنقاذ حياة الاخريين والعرفان بالجميل ..
كلمينا عنها ؟
ج: نحن من أوائل من شعروا بالخطر فى الفترة التى استفحل بها فيروس كورونا ، كنت مدير الطوارىء والأشعة فى مستشفى القصر الفرنساوى ، اى مكانى بالدور الارضى فى مواجهة يومية مع الحالات الحرجة والحوادث … بدأنا نلاحظ فى البداية وصول حالات بها صعوبة فى التنفس ولكنها تبدو لنا جلطة فى القلب فتدخل إلى الرعاية ثم نبدأ الشك فى الحالة فيما بعد أنها حالة كورونا ولكن الأمور فى البداية كانت غير واضحة وكنا نأخذ وقت طويل لعمل المسحات وذلك قبل إصدار منظمة الصحة العالمية البيانات اليومية والتوصيات التى تصل إلى الجامعة بعد ذلك والمريض داخل الرعاية ولا نستطيع أن نخرجه من المستشفى للعزل وكنا نتعامل معه لإنقاذه ، فى نفس الوقت كان زوجى الاستاذ الدكتور هشام الساكت وكيل كلية طب القصر العيني لشئون خدمة المجتمع يخرج فى قوافل طبية تجوب مصر كلها حتى صدرت له توصيات بإيقاف هذه القوافل وعدم الخروج وأخذ الإجراءات الاحترازية فى المستشفيات الجامعية والخطط البديلة والعزل المنزلى ، وكان الدكتور هشام مكلف بهذا الجزء داخل القصر العيني ، فى هذا الوقت ظهرت أيضا حالات فى معهد الاورام وصدر له تكليف بلجنة رسمية لمتابعة الإجراءات الاحترازية فى معهد الاورام وجميع الاماكن الموجودة في المستشفيات الجامعية وزاد الضغط علينا فى هذه الفترة لعدد كبير من الساعات يوميا أثناء فترة الحظر حتى بعد عودتنا إلى المنازل نتابع الحالات تليفونيا ، وكنا نعزل نفسنا عن الأولاد خشية ان نكون حاملين للمرض ، وكنت فى هذا الوقت فى حالة قلق على هشام لأنه معرض للإصابة لاختلاطه بحالات كورونا ولكنه كان يصمم على ممارسة عمله وكتابة التقارير حتى بدأ يشعر بالمرض وظهرت عليه أعراض السخونة وظل يعالج نفسه ببعض الأدوية ثلاث ايام وبمساعدة أصدقاءه الأطباء تليفونيا حتى زادت عليه أعراض المرض بدرجة كبيرة ، وعندما كشفت عليه ببعض الأجهزة الموجودة فى المنزل وجدت نسبة الأكسجين منخفضة والنفس غير طبيعى مما دعانى إلى اللجوء إلى أقرب مستشفى سريعا وعمل الأشعات والتحاليل التى أوضحت أن الحالة حرجة جدا ثم قمنا بعمل المسحة فى نفس المستشفى بالعبور لأن المستشفى الفرنساوى لم يكن فى هذا الوقت استعد ليكون مستشفى عزل ، ثم ظهرت نتيجة المسحة بعد رجوعنا إلى البيت إيجابية مما دعى الدكتور المتينى رئيس جامعة عين شمس الى ارسال عربة إسعاف لتأخذ هشام إلى العزل وكانت هذه اللحظة هى اخر لقاء بينى وبينه .
س: هل كانت الإجراءات الاحترازية غير كافية للوقاية من المرض ؟
ج: الدكتور هشام كان ملتزم بكل الإجراءات الاحترازية من كمامة وتعقيم وغيرها ، ولكنه كان متواجد بشكل يومى فى كل الاماكن الموبوءة بالمرض وتعرض لكمية كبيرة من الفيروس وكان الموضوع فى أوله جديد علينا واكيد هناك خلل فى الإجراءات كما أن حدوث العدوى يختلف من شخص لآخر حسب مناعته وكمية الفيروس التى تعرض لها وكذلك مده تعرضه لهذا الفيروس اللعين ، والفيروس كان فى بدايته حاد جدا وشرس على عكس الحال الآن وإن كانت الاعداد عالية ولكن حدة المرض انخفضت عن البداية وفى اوربا مثلا الاعداد عالية ولكن الحالات التى تحتاج إلى أجهزة تنفس صناعى أو رعاية عددها أقل ، وعلميا عندما ينتقل الفيروس من جسم لآخر وبأعداد كبيرة تقل خطورته وتضعف وكذلك تتكون مناعة فى البشر نفسهم بعد مدة من انتشار الفيروس .
س : متى انتقلت لكى العدوى وتعرضتي للإصابة بفيروس كورونا ؟
ج:عندما طلب منى الزملاء إجراء التحاليل والمسحات للاطمئنان وخاصة لانى كنت مخالطة للدكتور هشام وكثير من حالات الكورونا وفى هذا الوقت كان هشام فى مستشفى العزل وكنت فى حيرة لان لو حالتى إيجابية معناها اترك المنزل والاولاد بمفردهم واذهب للعزل وفى نفس الوقت اكون بجانب هشام من بعيد فأيهما اختار … كان كل تفكيرى فى الأولاد وهشام وليس فى مرضى حتى علمت أن حالة هشام تتدهور وتم وضعه على جهاز التنفس الصناعي وفى نفس الوقت ظهرت نتيجة الفحص الخاص بى إيجابية وتوسلت لى ابنتى أن اهتم بصحتى واذهب للعلاج لأن لا فائدة من وجودى بينهم وكل منا فى حجرة منفصلة معزولين ، وذهبت فعلا للعزل الموجود به زوجى وكل منا فى مكان لا يرى الآخر وكانت حالتى متوسطة ولكن العزل مؤلم جدا بعيد عن الأهل والأصدقاء أكثر من الم المرض نفسه ثم بعد أسبوع قمت بعمل مسحة اخرى وظهرت النتيجة سلبية وكان فى هذا الوقت بداية شهر رمضان فقررت الصيام اول ايام الشهر الكريم مما أضعف مناعتى وأظهر المسحة الثانية إيجابية ، وكانت حالة هشام بالمعطيات العلمية غير مستقرة حتى بعد اسبوعين من العزل وكان هناك اجتماع يومى بالفيديو من أطباء جامعة عين شمس وأطباء جامعة القاهرة وكان يشارك الحضور فى هذا الاجتماع رؤساء الجامعات لاهتمامهم بحالة هشام للتشاور فيما وصلت إليه الحالة ومتابعتها حتى توصلوا إلى قرار بوضعه على جهاز إيكمو ، وهو جهاز رئة صناعى أعلى من جهاز التنفس الصناعي لا يعتمد على وجود الرئة فهو يأخذ الدم على جهاز خارجى ليحمله بالاكسجين والتخلص من ثانى أكسيد الكربون ويستخدم فى عمليات القلب المفتوح ، على أن يتم نقل هشام من مستشفى عين شمس التخصصى إلى القصر الفرنساوى لوجود الجهاز هناك ولكن للاسف عشت اسوأ اربع ساعات فى حياتى بعد بلاغى بهذا القرار لانى انتظرت أن اطمئن عليه خاصة بعد وعد منهم بنقلى معه إلى نفس المستشفى ولكنهم تأخروا عليا فى الرد طويلا ولم اعلم اى اخبار عن هشام حتى اخبرونى باصعب فاجعة فى حياتى كلها وهو وفاة زوجى الحبيب أثناء تجهيزه للنقل إلى المستشفى، وصممت أن أقف معه أثناء الغسل بعد ارتداء بدله الوقاية ثم ودعته إلى مثواة الاخير وشعرت أنه فى منزلة عالية عند ربه إن شاءالله ، ثم عدت إلى منزلى بعد أن ظهرت نتيجة المسحة الأخيرة لي وكانت سلبية وهنا واجهت مأساة من نوع اخر فلم استطع ان احضن اولادى أو اقترب منهم وخاصة أنهم استقبلوا خبر وفاة والدهم بمفردهم وكنت لا أعلم وقتها هل المرض يمكن أن ينتقل أثناء هذه الفترة ام لا ، فقد كانت كل الامور مبهمة فى البداية وطلبت من ابنى ذو الأربع عشر عام أن لا يقترب وكان ذلك من اصعب الاشياء التى شعرت بها فى حياتى وخاصة عندما اشاهد نظراته وعتابه الذى يظهر فى عينيه كأنه يقول لى انا اتحرمت منكم لمدة شهر قبل إصابتهم بالمرض خوفا من العدوى أثناء عملكم ومع ذلك اصابكم المرض ولا استطيع الاقتراب منكم الان فما الذى استفدته من كونكم أطباء مخلصين فى عملكم .
س: هل هذه المحنة جعلتك تندمين ام زادت من اصرارك على تحمل أعباء هذه المهنة الشاقة ؟
ج: كان لدى شعور غريب لا يستطيع أحد تصديقه وهو انى بحاجة أن احتضن كل الناس المريضة وأشد من اذرهم حتى لا يشعروا بما شعرت به من وحدة وحزن شديد على فقد زوجى ومع ذلك كان لدي شعور أن ربنا اختار بقائي وعدم موتى لأن مهمتى لم تنتهى بصورة أو أخرى … لم أشعر اطلاقا بالندم فى حياتى عند تقديم مساعدة لأى انسان ، فقد كنت أشعر بهم من كونى إنسانة مريضة وليست طبيبة ولن أتردد لحظة واحدة فى مساعدتهم.وقد قمت بإنجازات كثيرة فى مجال الطوارىء أثناء فترة انتدابى فى مستشفى القصر الفرنساوى وتم انتهاء الانتداب بعد دخولى مستشفى العزل ورجعت إلى مستشفى الطلبة وتخيلت أن بالخبرة الإدارية القوية فى الفرنساوى وتسجيل ماجستير إدارة مستشفيات تجعلهم يستفيدون من خبرتى فى هذا المجال ويكون مكانى فى الإدارة لنقل خبرة مستشفى كبير مثل الفرنساوى إلى مستشفى الطلبة ولكنى فوجئت برفض الطلب وأنهم ليسوا فى حاجه الى ذلك والافضل رجوعى للعيادة وليس هناك مشكلة عندى ولكن المشكلة أن العيادة غير محتاجة لتخصص اطفال .
س: كيف تخطيتى هذه المرحلة ؟
ج: كنت مضطرة غصب عنى للخروج لاستخراج اوراق اعلام الوراثة بعد ابلاغى بأهمية هذا الأمر ووجدت نفسى اتحول الى روبوت مسئول عن عمل ذلك لاولادى حتى لا اتركهم فى مهب الريح لو اصابنى مكروة ، وبدأت رحلة أخرى لم اعرف عنها شىء وهى اعلام الوراثة و الوصايا على ابنى الصغير أما البنات فقد تعدو واحد وعشرين عام ، ومرت فترة صعبة أخرى فى حياتى وهى دخول اماكن لا اعرف عنها شىء وإجراءات طويلة ومعقدة لم استطع فهمها وللاسف لم اجد من يوضح لى خطوات هذه المعاناة التى ليس لها خطة محددة وإجراءات واضحة مكتوبة .
س: هل وجدتى من يقف بجانبك فى هذه الظروف ام لا ؟
ج: كان هذا التوقيت فى شهر رمضان والصيام وكل من حولى فى عزل لكنهم يتابعونى تليفونيا وألتمس لهم العذر لانه غصب عنهم والموقف صعب ، وهناك أشخاص اكن لهم كل الاحترام والحب واظهروا لى حبهم و مودتهم ووقفوا بجوارى ، وهناك أشخاص آخرين كنت اتوقع منهم أن يكونوا عون لى لكنهم خذلونى ولم يظهروا فى الصورة نهائى .
س: هل تشفقى على المرأة لما تتعرض له فى مثل هذه الأحوال ؟
ج: بصراحة شعرت أن المرأة مقهورة يتم تعذيبها لاتمام إجراءات صعبة وما بالك لمريضة وفى فترة النقاهه وحزينة على فقد كبير فى حياتها وغير مدركة ما تفعله من إجراءات ، وانا أطالب بالرحمة لهؤلاء الأرامل المساكين وتبسيط الإجراءات المعقدة والطويلة فليس لها ذنب أن زوجها توفى فقد شعرت بهذا الظلم بالرغم من وضعى الاجتماعى الذى يتسم بقدر من التعليم والثقافة كما ان هناك من يقف بجوارى فما بالك بالمرأة البسيطة التى لم تخرج من بيتها طوال فترة زواجها ذات المستوى التعليمى الابسط والتى لم تجيد قيادة السيارات أو التعامل مع البشر ماذا سوف يكون مصيرها ، أطالب أن يكون هناك كتيبات إرشادية لتوضيح هذه الخطوات الإجرائية وان يكون هناك اتصال الكترونى بين الجهات وبعضها بدل من الأوراق لتسهيل هذه الخطوات الطويلة التى تهدر الوقت والجهد لأن الآولى فى مثل هذه الظروف مراعاة الحالة النفسية لمن فقدوا عائلهم بجانب مراعاة حقوقهم المادية ، المرأة في مثل هذه الظروف تلعب ثلاث ادوار فى وقت واحد وهى دور الأم ودور الاب الذى فقد وهى أول من افتقده ودور الروبوت لشئون بيت كامل بكل التعقيدات الموجودة فيه .
س: هل قامت الدولة بواجبها تجاه الشهيد هشام الساكت ام كنتى تنتظرى أكثر من ذلك ؟
ج: قدمت الدولة لي دعما كبيرا معنويا ، وقد أرسل لى رئيس الجمهورية برقية تعزية وأمر بالقيام بتكريم الشهداء فى وقت صعب جدا كان فيه كل شئ مغلق وتم التكريم فى ارقى جامعة وأحب الجامعات الى قلبى وهى جامعة القاهرة ، وكان التكريم قبل العيد بيوم ليقول لنا الرئيس السيسى ولجميع أهالى الشهداء لن انساكم … وقد خفف عني ذلك كثيرا ورفع عني الحرج أمام أولادي ونظرات ابنى وسؤاله الدائم عن العائد الذي استفاده من شهرتنا وعملنا فى هذه المهنة ، هذا التكريم جعل الأولاد يشعرون أن من يجتهد لابد أن يكرم فى الدنيا ويخلد إسمه بالإضافة إلى تكريمه فى الآخرة ودخوله الجنة لأنه من الشهداء ، وقد تم وضع إسم الشهيد هشام الساكت على المبنى الذى أفنى فيه عمره كله والذى سعى لاعتماده دوليا بجامعة القاهرة … وانا اشكر سيادة الرئيس السيسى الذى يتميز بالإنسانية بالإضافة أنه رجل المهام الصعبة فهو داخله حلم كبير لبلده واستطاع التغيير فى وقت قياسي بالرغم من وجود مقاومة وحسابات ومصالح أخرى ، وبجانب إنشغاله لم ينسى الجانب النفسى للمرأة والأم المعيلة واقر المعاشات للسيدات حتى فى القرى والنجوع … لابد أن يكون لدى الكثير من الناس نفس الفكر والتحرك لبلدهم وليس مصلحته فقط … وكان هناك دعم أيضا من رئيس الجامعة دكتور محمد عثمان الخشت وتواصل معنا عدة مرات ليقدم لنا المساعدة ويطمئن على اخبارنا … أما الدعم المادي فكان عاديا كالمعتاد فى مثل هذه الظروف ولكن لم يشغلني ذلك ، فلا يوجد أى شىء يعوضنى عن وفاة هشام فهو شخص مختلف كزوج وأب وإنسان وكان بالنسبة لي نموذج يحتذى به كطبيب نشيط كلامه قليل ولكن طريقة شغله تزيد من حماسي للعمل وتشجعنى أن اقتحم كل المجالات وخاصة مجال التوعية سواء فكرية أو مجتمعية والحمد لله ربنا اكرمنى باشياء كثيرة لابد من إخراج زكاتها فى صورة خدمة للمجتمع .
س: ما هى المعاناة التي يعيشها الأطباء ؟ وماذا يحتاج الطبيب حتى ينال التقدير الذى يستحقه ؟
ج: الطبيب يجب أن يزال عن عاتقه العبئ والتفكير المادي لتوفير احتياجاته وان يعيش حياة كريمة ، فهي مهنة خدمية اى لابد ان اعمل فى خدمه الناس وانا غير محتاج منهم شىء ، فمثلا اعالجه غير منتظر منه المقابل المادي فهي ليست تجارة كما يفعل الأطباء ضعاف النفوس من إستغلال للمرضى لتلبية احتياجاتهم المادية ولا نستطيع التعميم … فلا يجوز لمن يعمل فى هذه المهنة أن يكون مشغول ليل نهار بكيفية تدبير مصاريف مدارس أولاده أو متطلبات بيته ، والطبيب مستواه العلمى والفكرى عالي ، وفى كثير من الأحيان يكون مستواه الإجتماعى أعلى من مستوى دخله المادى وهذه مأساة وخطر على المجتمع ، وهناك مهن اخرى مثل المحامى والقاضى وضابط الجيش لا يجوز أن يكون أصحابها تحت ضغط لأنها تتطلب التركيز لإعطاء الآخر والتضحية والفداء وفاقد الشىء لا يعطيه .
س: هل تحظى الطواقم الطبية بحماية كافية ؟
ج : يتعامل كثير من الاطقم الطبية مع مئات المرضى المشتبه فى إصابتهم بفيروس كورونا من دون توافر وسائل الوقاية والحماية الكافية ، بينما يخضع الملايين للحظر المنزلي من أجل الحد من تفشي فيروس كورونا ، يخوض مابات يعرف بالجيش الأبيض ، وهم الأطباء والممرضون وجميع العاملين في القطاعات الصحية في أنحاء العالم حربا لاهوادة فيها في مواجهة الفيروس القاتل ، وهم يبذلون جهدا مضاعفا يحرمهم في أحيان كثيرة من ساعات نوم كافية من أجل العناية بمن أصابهم الفيروس معرضين حياتهم للخطر في وقت لايحظون فيه هم أنفسهم في العديد من الدول بوسائل الحماية الكافية لأداء مهمتهم … ويعيش حوالى 190 ألف طبيب مصري تابعين لوزارة الصحة المصرية في حالة قلق يومية بسبب تهالك النظام الصحي في مصر لقلة الميزانية المخصصة لهذا القطاع الحيوي والتي بلغت 73 مليار جنيه خلال العام المالي 2019/2020 ،61 ملياراً خلال العام السابق له ، يقتطع منها 35 ملياراً للأجور ، 19 ملياراً لمصروفات ديوان الوزارة ، 23 ملياراً لهيئة التأمين الصحي ، وتخصص الحكومة بدل عدوى متدنيا جدا للأطباء تبلغ قيمته 19 جنيها ، كما أن ميزانية وزارة الصحة غير دستورية تخالف الدستور المصري الذي نص على تخصيص 3 في المئة من الناتج القومي الإجمالي لصالح وزارة الصحة ، تتصاعد تدريجاً حتى تتفق مع المعدلات العالمية … أن جميع أنحاء العالم تجسد مشاعر القلق الشديد إزاء فشل القادة في استثمار الموارد الكافية في الأولويات والنظم الصحية الأساسية مما يعرض الأرواح وسبل كسب العيش والاقتصادات للخطر ، وليس التصدي لأي من هذه التحديات أمراً بسيطاً لكنه في المتناول ، فالصحة هي في نهاية المطاف خيار سياسي ،
ومن الضروري أن ندرك أن الصحة استثمار في المستقبل ، وكما تكثف البلدان استثماراتها في حماية سكانها من الاعتداءات الإرهابية لابد أن تكثف مواردها في وقايتهم من فيروس فتاك قد يكون أكثر إماتة وأشد ضرراً من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية إلى حد بعيد ، ويمكن لجائحة أن تدهور الاقتصادات والأمم ، ولهذا السبب لا يمكن اعتبار الأمن الصحي مسألة من اختصاص وزارة الصحة وحدها ، وتتطلب كل التحديات استجابة لا تقتصر على قطاع الصحة ، فنحن نتعرض لتهديدات مشتركة وتقع على عاتقنا المسؤولية المشتركة علينا التصدي لها ، وإذ يقترب الموعد النهائي المحدد لتحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 بخطى حثيثة ، شددت الجمعية العامة للأمم المتحدة على وجوب أن يكون العقد المقبل “عقد العمل” ، وهذا يعني الدعوة إلى توفير التمويل لسد الفجوات في النظم والبنى التحتية الصحية وتقديم الدعم إلى الاماكن الأشد ضعفاً .
س: هل هناك قناة اتصال مستمرة بين النقابة والأطباء لمتابعة أحوالهم ومعرفة مشاكلهم ؟
ج: ليس هناك تواصل كما أن نقابة الأطباء ليست كالنقابات الأخرى التى تقدم خدمات لاعضاءها ، فمثلا عندما التحقت بمكان ما للحصول على الماجستير فى إدارة المستشفيات كان لابد أن أدفع المصاريف فى نفس الوقت هناك اشخاص أخرى صيادلة وآخرين من الجيش والشرطة والتجاريبن لهم تخفيض 50٪ وحتى أطباء وزارة الصحة لهم تخفيض أيضا ، أما نقابة الأطباء والجامعة ليس لهم تخفيض يذكر ، وإذا نظرنا إلى النوادى والخدمات الاجتماعية نجدها اسوء من اى نقابة ، فمثلا عند حدوث جائحة كورونا كان هناك منحة للأطباء المرضى ومنحة للأطباء الذين استشهدوا ولكن لم يتم صرفها حتى الآن ، كما أن المساعدات التى تصرف لحين استخراج شهادة الوفاة تتأخر ، وحدث ذلك معي رغم أن زوجي الاستاذ الدكتور هشام الساكت وكيل كلية الطب ، والحمد لله انا لست فى احتياج ولكن غيرى قد يكون محتاج ولديه كثير من المشاكل هؤلاء الناس ليس لديهم الفرصة أن يصل صوتهم وليس عندهم الطريقة التى يعبروا بها بصورة أو بأخرى يمكن أن تسمع وليس لهم الأثر فى غيرهم للتعبير عن حزنهم لأن مستواهم أكبر من الصريخ والصوت العالى … أما عن موضوع بدل العدوى فقد أصدر الرئيس السيسى قرارين وكان أول قرار أن أبناء شهداء الأطباء من الكورونا يعاملوا معاملة شهداء الجيش والشرطة وحتى الآن لم يحدث جديد ربما فى طور الإعداد والتنفيذ ، أما القرار الثانى فقد قام سيادته برفع بدل العدوى وحتى الآن لم نعرف متى يتم صرفها وما هى الإجراءات وهل اخذت الموافقه ام لا ومتى تنفذ .
س: من طبيبة كانت مصابة بفيروس كورونا وزوجة شهيد من جراء هذا المرض … رسالة إلى الشعب المصري …
ج: اتقوا الله فى الأطباء ولا تتناسوا أننا داخل وباء والوقاية خير من العلاج قدر المستطاع .
– نظرة لمن يتعرضوا للمواقف الصعبة لأنهم يحتاجون لمن يقف بجانبهم ويأخذ بأيديهم .
– الرئيس بمفرده لا يستطيع عمل كل شىء فهو يوصي بإصدار القوانين ولكن المشكلة فى كيفية تنفيذ هذه القوانين .
– نحن نحتاج إلى تغيير رؤيتنا لأشياء داخل المجتمع ، فقد كنت اسمع عن كلمة مجتمع ذكورى ولكن لم استطع أن افهمها الا بعد مرورى بالمحنة .
– هناك تشريعات محتاجه ان تصاغ بطريقة بها كرامة أكثر للأم والزوجة والارملة لأن من أكثر الأشياء التى تؤلمني أنه فى أغلب الاماكن يتعاملوا مع المرأة كأنها تريد الحصول على الأموال التي تركها زوجها لتتزوج بها وهى نظرة غريبه سمعتها ورأيتها فى عيون الناس تقال لي ولغيري من السيدات وهى سكين يطعن الام المصرية المكافحة طيلة حياتها حتى بعد زواج أبناءها متكفلة برعايتهم ودعمهم عكس الخارج ، فالمرأة المصرية شقيانة نفسيا وجسديا تتحمل المسؤلية حتى النهاية ليس فقد زوجها بالهين فقد فقدت عمود بيتها ولكنها ستظل السند لأسرتها .