رافعا ورقة “تسليح الحلفاء”.. هل ينجح بوتن في مواجهة الناتو؟
تكاد الحرب الروسية الأوكرانية تكمل نصف عام
قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتن، الإثنين، إن بلاده “تقدر علاقاتها مع دول في أميركا اللاتينية وآسيا وإفريقيا”، وإنها “مستعدة لتزويد حلفائها بأسلحة حديثة”، بما فيها تلك المستخدمة في حرب أوكرانيا.
ويرى خبراء عسكريون أن تصريحات بوتن هذه، “محاولة جديدة لتحفيز فكرة تشكيل حلف عسكري مضاد لحلف شمال الأطلسي (الناتو) وترجمتها على الأرض، من خلال تسليح الدول القريبة من روسيا والمتحالفة معها حول العالم،وخاصة تلك التي لديها علاقات تاريخية وتقليدية مع الروس منذ زمن الاتحاد السوفييتي السابق”.
فيما يشكك مراقبون ومحللون في قدرة موسكو على حشد وبناء حلف عسكري مكون من العديد من الدول في وجه الناتو، بالنظر خصوصا إلى ما يستوجبه ذلك من قدرات مالية وتكنولوجية ضخمة وعالية ستثقل كاهل الاقتصاد الروسي، الذي يرزح تحت أقسى وأكبر عقوبات من قبل الدول الغربية على وقع الحرب بأوكرانيا.
كما أشاروا إلى أن “بوتن يهدف عبر التلويح بورقة التسليح الروسي، للإيحاء بأن لدى موسكو أوراق قوة تستطيع المناورة بها، والالتفاف على السعي الغربي لعزلها واستنزافها”.
وتعليقا على ذلك، يقول أستاذ العلاقات الدولية وفض النزاعات، حسن المومني “مما لا شك فيه أن روسيا بعد نصف عام من بدء عمليتها العسكرية في أوكرانيا، أصبح الغرب وحلف الناتو يعتبرها مصدر التهديد الأول له، فموسكو يبدو وكأنها تخوض المعركة مع الغرب وحدها، بغض النظر عن التعاطف معها هنا وهناك”.
واستطرد: “لهذا فهي تحاول جاهدة تعزيز شراكاتها الاستراتيجية مع مختلف دول العالم، فهناك مثلا محاولات حثيثة في هذا الإطار خاصة مع الصين، رغم أن ثمة ما يمكن اعتباره تلكؤا صينيا في هذا السياق، كما أن روسيا منفتحة حتى على الدول التي لديها علاقات جيدة مع الغرب، كالهند”.
ويضيف المومني: “تصريحات بوتن تندرج في أبجديات الواقعية السياسية، حيث لا بد من خلق تحالفات وشراكات استراتيجية لإنشاء توازن دولي، وموسكو في هذا المعنى تهدف لإنشاء جبهة أو حلف مواز للحلف الغربي، خاصة أن لديها أدوات قوة تساعدها في مسعاها هذا، خاصة في مجالي الطاقة كالنفط والغاز وصناعاتها العسكرية المتطورة”.
ويستطرد: “لهذا فإن بوتن يرسل بذلك رسائل للغرب، بأن بلاده ليست معزولة بل لديها حظوة سياسية ودبلوماسية، وأنها تملك علاقات متشعبة وشركاء على مستوى العالم، وهو ما تجلى في أكثر من منتدى ومحفل دولي بعد الحرب الأوكرانية“.
وينوه المومني كذلك إلى أنه “حتى قبل هذه التصريحات سعت روسيا لتعزيز علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع بلدان إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، والآن يسعى الكرملين لتعزيزها على الصعيد العسكري والأمني كذلك، وكل ذلك في إطار مواجهته المحمومة مع البيت الأبيض”.
فهذا المنتدى العسكري، كما يرى أستاذ العلاقات الدولية وفض النزاعات “هو فرصة لروسيا لعرض إمكانياتها وعضلاتها العسكرية والردعية، وإظهار علاقاتها الواسعة مع دول العالم، حيث تشارك 77 دولة في هذا الملتقى، وهكذا فنحن أمام مرحلة هي أشبه ما تكون بمرحلة الحرب الباردة بين المعسكرين، رغم أنه ربما ما زال من المبكر الحديث عن تبلور ذلك تماما وتشكل حلف متكامل مضاد للمحور الغربي”.
هذا وأشار بوتن خلال كلمته في افتتاح المنتدى العسكري في العاصمة موسكو، إلى أن “لروسيا الكثير ممن يتحالفون معها ويشاركونها الأفكار في قارات مختلفة، والذين لا ينحنون أمام ما يسمى القوة المهيمنة”.