أصبح الطلاق في الآونة الآخيرة شبحاً يهدد مجتمعاتنا العربية، وتوجد إحصائيات وأرقام خيالية لا تصدق في هذا الشأن..فقد أصبح الطلاق أمرا سهلا بالرغم من أن البعض كان يخجل من مسمى ( مطلقة )، في حين نرى زوجين يتشاجران ليلاً وتكون بينهما مشادات وخلافات وبكل برودة أعصاب نجدهما في الصباح الباكر يذهبان للمحكمة للانفصال.
فالطلاق أصبح ظاهرة خطيرة في مجتمعاتنا العربية تتزايد يوماً بعد يوم، تدفع الخاطبين والمتزوجين حديثاً ممن لم يتجاوز ارتباطهما شهرا أو شهرين للانفصال عن بعضهما البعض، لتتولد مشاكل اجتماعية خطيرة في المجتمع تعود على المنفصلين ومن يقع في محيطهما.
تزداد حالات الطلاق في الوطن العربي بزيادة طردية، ومعظم هذه الحالات، تنتشر بين فئة الشباب والمرتبطين حديثاً، وتختلف الأسباب، سواء أكان خللاً في التركيبة الاجتماعية، أم خللاً في النظرة إلى الزواج، وخاصة بين الشباب الذين يرغبون بالزواج دون النظر إلى مواصفات شريك الحياة. وعدة أسباب كثيرة وراء هذه الظاهرة، منها استهتار الشباب بقضية الزواج، واعتبارها متعة ورغبة لحظية، أوغير قادرين على تحمل المسؤولية، وبالتالي الهروب منها، بحجة أبسط الأسباب وأتفهها أحيانا
ومن الأسباب أيضاً سوء الاختيار للزوجين، فقد يكونان من بيئة مختلفة، وبعد الزواج ينصدم كل شخص بحقيقة الآخر، والنتيجة تكون الانفصال..فاختلافهما في التكافؤ الاجتماعي، والثقافي، والمستوى التعليمي، والبيئي من العوامل التي تؤدي إلى مشاكل بين الزوجين، والنتيجة الضمنية هي الطلاق. هذا بالإضافة إلى أسباب عديدة، منها الزواج المبكر، وخاصة بعد الانفتاح على مواقع التواصل الاجتماعي، والخيانة الزوجية، وتكوين علاقات قد تهدم الزواج. بالإضافة إلى الأسباب المادية، وفشل الزوج في تقديم حياة كريمة لعائلته. ومن الجدير بالذكر أن الطلاق في بعض الأحيان، قد يكون الحل الأنسب لتجنب معاناة الزوجين مدى الحياة.
و في هذا الخصوص يقول المحاضر الدولي د. عصام جمعه خبير التنمية الذاتية و الإدارية: « أن الطلاق في الآونة الأخيرة قد أصبح ظاهرة واضحة للعيان، وتتزايد بشكل ملفت للنظر خاصة في الأشهر الأولى للخطبة أو خلال السنة الأولى للزواج، فحسب إحصائية حديثة تبلغ نسبة الطلاق في سنة الزواج الأولى فقط 35%، مما يدل أن معايير اختيار شريك الحياة كانت خاطئة أصلاً منذ البداية، ولم يتم دراستها بالشكل الصحيح، فالتسرع هي السمة البارزة في عالم الزواج في هذه الأيام، فكل شخص لديه رغبة فطرية بأن يحب، وهي سمة بارزة بين البشر، لذا تراه يتسرع في قضية ارتباطه عندما يجد شخصاً يمتلك الحد الأدنى من المواصفات المطلوبة من وجهة نظره، ليتفاجأ بعدها أي خطا اقترف بحق نفسه بسبب هذا التسرع وغلبة عاطفته على عقله التي جعلته لا ينتبه للعديد من الامور في شخصية الطرف الآخر والتي لا تتوافق مع شخصيته ومعتقداته.
احذروا العالم الافتراضي..
و يتابع الدكتور جمعه قائلاً: عملت وسائل التواصل الإجتماعي الحديثة على تسهيل الاتصالات والتواصل بشكل عام بيننا، فبات سهلاً جداً أن نتواصل مع من نعرف ومن لا نعرف بطريقة سلسة للغاية، و قد أعادت هذه الوسائل الكثير من العلاقات القديمة الميتة، وعملت على إنشاء الكثير من العلاقات الجديدة بين من لا نعرفهم جيداً، ولأن العالم الافتراضي عالم مثالي، فإن أغلب العلاقات فيه تكون زائفة، فأي تواصل بين شخصين عليه سيكون تواصلاً مثالياً جميلاً مليئاً بالغموض و السحر و الجمال، ما يدفع ضعاف العقول على اعتباره واقعاً حقيقياً، فعندما تنشأ علاقة بين شاب وفتاة حتى لو كانت بقصد الزواج – فيجب أن يعرف كلاهما أن شخصية كل طرف عبر الانترنت هي ليست شخصيته الحقيقة على أرض الواقع غالباً، فالزيف والتملق والتجمل هي السمة الأبرز عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما دفع نسبة كبيرة من تلك العلاقات إلى الفشل، وأن تنتهي نهايات مأساوية غير متوقعة.
فكر وعاطفة..
و ينصح الدكتور جمعه قائلاً: من الضروري جداً أن يكون هناك وعي كاف لقضية الزواج، وأن يتم التعرف على مبادئه وطرقه الصحيحة في اختيار شريك الحياة، ولأن هذا الموضوع من المواضيع الهامة جداً والمؤثرة في المجتمع فقد قمت بإنشاء برنامج تدريبي كامل بعنوان ( فكر وعاطفة ) وهو برنامج تدريبي خاص بعقلية الرجل وعقلية المرأة، ويتم فيه شرح طريقة تفكير الرجل وطريقة تفكير المرأة، وما هي نقاط التشابه والاختلاف بينهما، فلو عرف كل طرف طريقة تفكير شريك حياته لتقلصت الكثير والكثير من المشكلات بينهما، كما يقوم هذا البرنامج بعمل تصنيف دقيق لشخصيات البشر، وما هي صفات كل شخصية وعيوبها، ونتطرق إلى مفاهيم الحب وتعريفه الصحيح وأنواعه، ونصائح علمية خاصة للمقبلين على الزواج والمتزوجين حديثاً وقديماً ، وتدريبهم على كيفية جعله جنة رائعة في حياتهم.
ويؤكد الدكتور جمعه على ضرورة تهيئة المقبلين على الزواج بشكل جيد من خلال هذه الدورات والاستشارات، مستشهداً بتجارب بعض الدول التي قامت مؤخراً بعمل دورات خاصة للمقبين على الزواج تحت عنوان دورة ( رخصة قيادة الحياة الأسرية )، والتي أثبتت نجاحها في تلك الدول من خلال تقلص نسب الطلاق بشكل كبير وملفت، كما أن تعرف الشاب والفتاة على بعض المعلومات العلمية الخاصة بذلك سيساعدهما على اتخاذ القرار بشكل أفضل، فما هو فرق السن المناسب بينهما، وهل يسبب المستوى التعليمي والاجتماعي والمادي المتفاوت مشكلة ما لو كانت للرجل أو كانت للمرأة، وهل الخصائص الوراثية لبعص الصفات مثلاً تتبع الأب أم الأم أكثر، وما هي الصفات التي يحبها الرجل في المرأة والعكس، وما هي دورة حياة الزواج ومستوياته وفي أي مستوى يصبح خطر الطلاق قائماً، كل هذه الأمور نعمل على تدريبها بشكل موسع من خلال برنامجنا التدريبي، والذي سنعمل بعون الله على نشر بعضاً من أهم معلوماته في مقال مستقل لتشعب معلوماته وكثرة نقاطه التي ستعمل فعلاً على تغيير حياة الكثيرين.
كلمة أخيرة..
وينهي الدكتور جمعه مختتماً كلامه : «لا تهتم كثيراً برأي الآخرين – حتى المقربين منهم – في قضية التعجل في زواجك عندما يتأخر قليلاً، فتأخره قليلاً خير من تسرعك فيه و تورطك مع من لا يفهمك، ومع من قد يجعل حياتك جحيماً، و لا تصدق من يقول أن الزواج هو مصدر السعادة و حل جميع مشاكلك، فلست أدري لماذا يرتبط الزواج بالسعادة في أذهان الكثيرين،هم يعتقدون أن سبب حزنك ومرضك وجوعك وتعاستك أنك دون زواج، وأنك عندما تتزوج فستأتي السعادة باسطة لك أجنحتها الذهبية لتسدلها عليك، هم لا يعلمون أنهم قد فهموا المعادلة بشكل خاطئ، فأنت من يجب أن يحمل السعادة إلى حياته الزوجية لتصبح حياة رائعة، وليس العكس، فالزواج لن يجلب لك السعادة إلا بقدر ما هي موجودة بداخلك أصلاً.