مفتي الجمهورية: دستور الإسلام حدد أصول التعامل مع غيرالمسلمين
في كلمته بندوة "نشر ثقافة التسامح والتعايش السلمي" بتربية الأزهر
قال فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إنَّ المتأمِّل لتحيَّة الإسلام وهي: “السلام عليكم ورحمة الله وبركاته” يجد أنها تضم معاني الرحمة والتسامح التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم، التي كان حريصًا عليها قَولًا وسُلوكًا.
وأضاف: إننا نعيش مفردة الرحمة والتسامح ما يقرب من ٦٠ مرة على مدار اليوم في صلواتنا وعباداتنا، مشيرًا إلى أننا يجب أن نجعل الرحمة سلوكًا ثابتًا في كافة تعاملاتنا مع جميع الناس.
وأوضح أن جذور قيم التسامح مُتأصِّلة في الشريعة الإسلامية، فقد أكَّد على الأخوة الشاملة بين المؤمنين، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[الحجرات: 10]، وهذه الأخوة تستدعي اتصافهم بصفة التسامح، وحسن المعاملة، فتسود روح المحبة بين جميع أفراد الأمَّة فيترفَّق القوي بالضعيف والكبير بالصغير، حتى تسود روح الأخوة بين الأمة أفرادًا وجماعات.
جاء ذلك في كلمته التي ألقاها في ندوة “نشر ثقافة التسامح والتعايش السلمي” التي نظَّمتها كلية التربية بجامعة الأزهر، بحضور الأستاذ الدكتور خالد عرفان عميد الكلية، والدكتور جمال الهواري وكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب، والدكتور عطية عبد العال وكيل الكلية للدراسات العليا والبحوث.
وأضاف فضيلته قائلًا: إنَّ الإسلام لم يتوقَّف على إشاعة هذا الخلق القويم فيما بين المسلمين فحسب، بل تعدَّاه إلى غيرهم فجعله عامًّا بين بني البشر جميعًا.
وأوضح فضيلة المفتي أنَّ دستور الإسلام حدَّد الأصول التي يجب مراعاتها عند التعامل مع غير المسلمين، والتي تتلخَّص في آية الممتحنة، وأنَّ أساس تلك الأصول هو التسامح والعفو؛ الذي يعني التجاوز عن الذنب وإسداء الإحسان وفعل الخيرات.
وأشار إلى أن التسامح أحد الأخلاق التي حرص الإسلام على ترسيخها لدى المسلمين، تجاه أنفسهم وتجاه الآخرين، فنجده يقرِّر ذلك في العديد من الآيات الكريمة، منها قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}.
كما استشهد فضيلة المفتي خلال حديثه بالعديد من النصوص الشرعية التي تؤكِّد الأساس الإسلامي للعيش المشترك، كقوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8]، ومن السنَّة النبوية الشريفة قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفًا ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو أدعى به في الإسلام لأجبت”.
ولفت مفتي الجمهورية النظر إلى أنَّ هجرة المسلمين إلى الحبشة تُعَدُّ نموذجًا من نماذج التعايش الإسلامي مع الآخر؛ فلم ينفصل المسلمون أثناء إقامتهم في الحبشة عن المجتمع ولم يعتزلوه، وقد أثر هذا التعايش بالاندماج والتواصل بين المسلمين والنجاشي في نصرة الإسلام ونشره.
وأكَّد أنَّ وثيقة المدينة، التي اشتملت على مبادئ المواطنة، لم تفرِّق بين طوائف المسلمين فيما بينهم، أو فيما بينهم وبين طوائف اليهود، وكفلت الحقوق الأساسية للمواطنين. وأسَّست الوثيقة أيضًا لحرية المواطنين الدينية، وتطرقت الوثيقة لحق المواطن في العيش بأمان، وكفلت العدالة بتوافق الحقوق والواجبات وتناسقها وكذلك العدل والتكافل الاجتماعي.
وحول القواعد الإسلامية الأساسية التي ينبغي اتباعها لتحقيق العيش المشترك والمواطنة، وضَّح فضيلة المفتي أنها تتمثل في التعاون على الخير، حيث إن إعمار الكون من الأهداف السامية التي ينبغي العناية بوسائلها، ومن السنن الإلهية التي تؤدي إلى هذا الإعمال سنة التكامل بين الناس؛ لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]، وكذلك سنة التدافع؛ قال تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 251].
وأضاف فضيلته أن الاندماج والتواصل يندرج أيضًا ضمن هذه القواعد، حيث أرشد الإسلام إلى بناء العلاقات الاجتماعية مع غير المسلمين في جوانب عدة من الحياة: من إنفاق المال وبناء الأسرة والتواصل الأسري، فقَبِلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم هديةَ المقوقس ملك القبط، وقال تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5].
وأوضح أنَّ حسن الجوار من أُسِّس العيش المشترك في الإسلام، والجار المسلم كغير المسلم في ذلك، ومثال ذلك عيادة النبي صلى الله عليه وسلم لجاره الغلام المريض، وعن عبد الله بن عمرو أنَّه ذُبحت له شاة في أهله، فلما جاء قال: أهديتم لجارنا اليهودي؟ أهديتم لجارنا اليهودي؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ»، وحسن الجوار وسيلة لمنع أي مظهر من مظاهر الفتنة في المجتمع المدني.
وعن القواعد الأساسية للعيش المشترك في الإسلام أكَّد فضيلة المفتي أن إفشاء السلام من هذه الأسس المهمة، حيث قال الإمام القرطبي: “قيل لابن عيينة: هل يجوز السلام على غير المسلم؟ قال: نعم. قال الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8]، وقال الطبري: وقد رُوي عن السلف أنهم كانوا يسلمون على أهل الكتاب.
وأضاف أنَّ هناك بعض أصحاب الفكر المتشدد مَن يحرِّمون السلام على أهل الكتاب، مُخرجين النصوص الشرعية عن نطاقها ومفهومها وسياقاتها التي قيلت فيها، موضحًا أن الفتاوى تتغيَّر بتغيُّر الزمان والمكان والأحوال والأشخاص.
وقال: قُمنا قبل خمس سنوات بعمل مسح للفتاوى على شبكة الإنترنت التي تجيب عن حدود العلاقة بين المسلم وغير المسلم، وقمنا بتحليلها ووصلنا إلى ٥٥٠٠ فتوى في مختلف أبواب الفقه، ووجدنا أن ٧٠% من هذه الفتاوى تحرم التعاملات، و٢٠% تكره للتعامل، بينما ١٠% فقط تبيح التعامل مع غير المسلمين، وهي فتاوى لم تصدر عن مؤسسات إفتائية أو متخصصين، بل بعضها صدر من أشخاص لم يعيشوا مع غير مسلم قط.
ولفت إلى أنَّ الإمام القرافي كتب كتابًا مهمًّا ضمَّ أربعين سؤالًا بأجوبتها بعنوان: “الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام”، ليرشدنا إلى أنَّه ليس كل تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل التشريع أو الإلزام، وإنَّما هناك تصرفات بمقتضى الفتوى أو القضاء أو الإمامة والرئاسة أو بمقتضى الإخبار وغيرها.
وكذلك حفظ الحقوق وعصمة الدماء، فقد حافظ الإسلام على إنسانية أتباع الأديان غير الإسلامية في المجتمع الإسلامي؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها لتوجد من مسيرة أربعين عامًا”.
وأشار إلى أنَّ كتب الفقه الإسلامي أكَّدت أن الأصل في الإنسان عصمة الدم إلا بوسيلتين: حكم قضائي بالقصاص، أو أن يكون محاربًا معتديًا على الدولة.
وقال مفتي الجمهورية: “إن قاعدة الرحمة أيضًا التي تعد من أهم قواعد الإسلام تؤدي إلى نشأة علاقات اجتماعية وتداخل ثقافي وعاطفي وإنساني على كافة المستويات بين المسلمين وغيرهم؛ قال تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}، وقد أمرَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالرحمة العامَّة التي تشمل جميع المخلوقات فقال: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ».
وأوضح أنَّ التكافل الاجتماعي أول أثر من آثار هذه الرحمة، ومن أول هذه العلاقات التي يجب بِناؤها، فيصح الوقف على أهل الكتاب عند الحنفية، ويجوز التصدق على أهل الكتاب، وتصح الوصية لذمي بما يصح تملكه له.
وأضاف أن تاريخ الفتوى يؤكِّد ذلك حيث إنها تشمل المجتمع بأسره وبكافة مكوناته الدينية، فإنَّ لغير المسلمين حقوقًا ومخصصات من هبات وصدقات وهدايا وغيرها، فالتكافل والتراحم الاجتماعي ليس مقتصرًا على المسلمين فقط.
وشدَّد فضيلة المفتي على أن الولاء للوطن له منزلة كبرى في الإسلام، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} [إبراهيم: 35]، وقال صلى الله عليه وسلم حين خرج من مكة: “مَا أَطْيَبَكِ مِنْ بَلَدٍ وَأَحَبَّكِ إِلَيَّ! وَلَوْلاَ أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ”، ومن المفاهيم الإسلامية أن قاطني الوطن الواحد شركاء في أرضه ومائه وسمائه.
وأضاف أنَّ للوحدة الوطنية المتكاملة والشاملة والمستدامة أثرًا إيجابيًّا كبيرًا في الصالح العام من وجهة نظر الإسلام، قال صلى الله عليه وسلم: “يُوشِكُ الأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا”، وقال الله سبحانه وتعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46].
ولفت فضيلته إلى أنَّ لكل مجتمع سمات وخصائص تظهر في سلوكياته وممارساته اليومية، وعلى الرغم من أن التغيرات الاجتماعية ظاهرة عامة تطرأ على كافة المجتمعات الإنسانية يحصل معها تحوُّل يصاحبه تغيرات في القيم والاتجاهات وأنماط السلوك المختلفة، فإننا يمكن أن نقول إن التغيرات الاجتماعية التي حدثت للمجتمع المصري على مرِّ أزمان متعاقبة لم تنل الكثير من سمات المجتمع المصري، وكان من بين تلك السمات الثابتة المستقرة التسامح والتعايش.
وأكَّد أن المجتمع المصري على مرِّ العصور كان مجتمعًا متسامحًا ومتعايشًا يقبل التعددية، وقادرًا على التعايش معها، بل الانصهار فيها أيضًا، مشيرًا إلى أن ذلك الإرث القيمي للمجتمع المصري هو ما أدى إلى محدودية تأثير المحاولات المتعاقبة لفرض حالة من الصراع بين أطياف المجتمع، وكان ذلك التأثير المحدود يتمثَّل في مواقف يغيب عنها العقل ويعلو فيها صوت الفتن، إلا إنه سرعان ما تنتهي ولا تتعدى نطاقها المكاني.
وأضاف مفتي الجمهورية أنَّ تبنِّي خطاب ديني معتدل ووسطي أو خطاب ديني أصيل وتقويض الخطاب الديني المتطرف، هو الوسيلة المثلى لنشر ثقافة التسامح والتعايش في المجتمع؛ فالخطاب الذي انتشر في العقود الأخيرة، وأصَّل لمجموعة من المفاهيم تدعم ثقافة المباينة والفرقة بين أبناء المجتمع الواحد، وتتبنَّى مفردات “نحن” و”هم”، هو خطاب منافٍ تمامًا للخطاب الديني الحقيقي المُعرِب عن مقصود الشرع وروحه وقيمه الثابتة.
وأوضح فضيلته أن الشرع الشريف قد أقرَّ الحرية الدينية للناس جميعًا، حيث صرَّح القرآن الكريم بأن اختلاف الناس في معتقداتهم من سنن الله تعالى في خلقه كما في قولِه تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [هود: 118، 119].
وحول بناء الكنائس والحفاظ على دُور العبادة أكَّد فضيلة المفتي أنَّها تندرج ضمن قيم التسامح والعيش المشترك، كما أنها من الجدليات التي اختلقها الخطاب الديني المتطرف، فقد حاول ذلك الخطاب المساس بدور العبادة لكونها أسهل طريق لتأجيج الفتن والصراع، ليروج لحرمة بناء الكنائس في مصر، بل في بعض الأحيان لضرورة إزالة وهدم كنائس ودور عبادة موجودة بالفعل.
وقال فضيلته: “كان دَور الخطاب الديني الصحيح أن يُبيِّن الصواب والفقه في تلك المسائل التي يروِّج لها، فبناء الكنائس من الأمور التي أباحتها الشريعة الإسلامية، وقد جاء في فتوى دار الإفتاء المصرية فيما يتعلق ببناء الكنائس: “ذكر أبو عمر الكندي في كتاب “الولاة والقضاة”: “أنَّ موسى بنَ عيسى واليَ مصر في عهد الخليفة هارون الرشيد أَذِن للنصارى فِي بُنْيان الكنائس التي هُدِمَتْ، فبُنيت كلُّها بمشْورة الليث بْن سعد وعبد الله بْن لَهِيعة -وهما أعلم أهل مصر في زمنهما-، وقالا: “هُوَ من عِمارة البِلاد”، واحتجَّا بأن عامة الكنائس التي بِمصر لم تُبْنَ إلَّا فِي الْإِسْلَام فِي زمَن الصحابة والتابعين”.
وبيَّن فضيلته أنَّ ما قاله جماعة من الفقهاء بمنع إحداث الكنائس في بلاد المسلمين أو بدء غير المسلمين بالسلام وغيرها هي أقوال لها سياقاتها التاريخية وظروفها الاجتماعية المتعلقة بها؛ حيث تعرضت الدول الإسلامية للحملات الصليبية التي اتخذت طابعًا دينيًّا يغذيه جماعة من المنتسبين للكنيسة آنذاك، مما دعا فقهاء المسلمين إلى تبنِّي الأقوال التي تساعد على استقرار الدولة الإسلامية والنظام العام من جهة، ورد العدوان على عقائد المسلمين ومساجدهم من جهة أخرى. ولا يخفى أن تغيُّر الواقع يقتضي تغيُّر الفتوى المبنية عليه.
واختتم فضيلة المفتي محاضرته بقوله: “إننا ونحن نقلِّب صفحات التاريخ منذ أن وطأت قدم الإنسان الأرض إلى تلك اللحظة الراهنة، نجد دومًا أن الحضارة لا يمكن لها أن تزدهر إلا بعد أن ينبذ المجتمع عصبيته، ويداوي ما ترتَّب على جروح التشدد والصراع الغائرة، ويبدأ البناء في مناخ من التسامح والتعايش، والتجارب المحيطة بنا تثبت ذلك وتؤكده، فالتعايش السلمي والتسامح يدعمان الاستقرار، وهو التُّربة الخصبة لنمو الحضارة الإنسانية وازدهارها”.
وفي ختام الندوة أهدى معالي الدكتور خالد عرفان عميد الكلية درعًا تذكارية وشهادة تقدير لفضيلة المفتي على مجهوداته الكبيرة وإنجازاته وإسهاماته في بناء الوعي.