رغم العقوبات.. ماذا يعني استخدام مصر الروبل في التعامل مع روسيا؟.. وما مصير العملات العربية
فرضت الدول الأوروبية الكثير من العقوبات على الاقتصاد الر وسي جراء حربها في أوكر انيا، في مارس الماضي، بقصد إصابة الاقتصاد الر وسي بالشلل، وهو هدف معلن من قبل واشنطن وحلفائها من الدول الأوروبية، ولكن لم تقف روسيـا مكتوفة الأيدي، حيث أجبرت المصدرين على بيع العملات الأجنبية وطالبت بدفع ثمن الغاز الطبيعي بـ الروبل الروسي.
وارتفع الروبل الروسي إلى مستويات لم يشهدها منذ مارس 2018 مقابل الدولار، وزاد الروبل بنحو 30٪ مقابل الدولار هذا العام، على الرغم من الأزمة الاقتصادية الشاملة في روسيـا، ما يجعلها العملة الأفضل أداءً في العالم، وأكدت وكالة بلومبيرج الأمريكية: الروبل الروسي أصبح أفضل عملة عالمية من حيث درجة التعزيز مقابل الدولار في عام 2022.
استخدام الروبل بين مصر وروسيا
وضمن جهود مصر للتغلب على العقبات والأزمات العالمية التي خلقتها العقوبات الغربية على موسكو بسبب الحرب الدائرة في أوكرانيا، قالت وزيرة التجارة والصناعة، نيفين جامع، منتصف يونيو الجاري، إن القاهرة ستتبنى آلية سداد للسماح باستخدام الروبل الروسي في التبادل التجاري مع موسكو، وجاءت تصريحات الوزيرة أثناء منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي، موضحةً: “تعطلت حركة النقل البحري والجوي بسبب الأزمة الأوكرانية، إلى جانب المعاملات المصرفية وهناك حاجة لإيجاد آليات لتسديد المدفوعات، لأن مصر بحاجة إلى القمح الروسي”، وبحسب الأرقام الرسمية المصرية، فقد ارتفع التبادل التجاري بين مصر وروسيا في عام 2021 ليصل إلى 4.7 مليار دولار، بزيادة 5.1٪ عن 4.5 مليار دولار قبل عام.
وارتفعت الصادرات المصرية إلى روسيا بنسبة 14.7٪ في عام 2021 لتصل إلى 591.7 مليون دولار من 515.6 مليون دولار في عام 2020، بينما زادت الصادرات الروسية إلى مصر بنسبة 3.9٪ لتصل إلى 4.178 مليار دولار.
من جانبه، أوضح وزير الصناعة والتجارة الروسي دينيس مانتوروف أن موسكو والقاهرة اتفقتا على التحول إلى العملات المحلية في التسويات المتبادلة، وأشار إلى أن حجم التبادل التجاري بين روسيا ومصر يتيح للدولتين استخدام الروبل والجنيه في المعاملات التجارية.
وقال مانتوروف “هذا سيخدم مصلحة الاقتصاد الروسي والمصري على حد سواء”، وتأتي هذه التصريحات في أعقاب إزالة البنوك الروسية من نظام المدفوعات بين البنوك “نظام سويفت”، مما جعل من الصعب على موسكو دفع ثمن الواردات وتلقي النقد للصادرات، كما أعاقت العقوبات المعاملات التجارية لمصر مع روسيا، المصدر الرئيسي للقمح إلى أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان وتعد مصر أكبر مستورد للقمح في العالم.
فائدة استخدام الروبل بين الدولتين
ومن جانبه قال وليد جاب الله، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والاحصاء والتشريع، إن التعامل بين مصر وروسيا بعيدا عن الدولار ليس أول مرة، فهناك علاقات اقتصادية تاريخية بين مصر والاتحاد السوفيتي في السابق، وكان يتم هناك عمليات تبادل مباشرة بين البلدين سواء في الصادرات المصرية مثل الموالح والمنتجات الزراعية والصناعية والواردات القادمة من الاتحاد السوفيتي السابق، كما أن مصر لها تجربة قريبة في مجال التبادل التجاري المباشر عن طريق اتفاقية تبادل العملات مع الصين.
العلاقات المصرية الروسية
يذكر أن مصر كانت الضيف لمنتدى سانت بطرسبرغ هذا العام، والذي أطلقت عليه موسكو اسم “دافوس الروسي”، في خطوة تعكس العلاقات المتنامية بين القاهرة وموسكو، ووصف الرئيس عبد الفتاح السيسي، في كلمته أمام المنتدى عبر الفيديو، روسيا بأنها شريك مهم لمصر، كما أكد السيسي “روسيا شريك مهم لمصر في مختلف المجالات والعلاقات بين البلدين متميزة ومصر وروسيا تنفذان مشاريع كبيرة وطموحة تخدم مصالح البلدين”.
وتوسعت العلاقات المصرية الروسية بشكل كبير منذ وصول السيسي إلى السلطة في عام 2014. واشترت القاهرة أسلحة روسية بمليارات الدولارات على مدى السنوات الثماني الماضية. كما تقوم روسيا بإنشاء منطقة صناعية في منطقة قناة السويس، ويتعاون البلدان على تحديث شبكة السكك الحديدية في مصر كما تبني روسيا أول محطة للطاقة النووية في مصر بالضبعة في الجزء الشمالي الغربي من البلاد بتكلفة 25 مليار دولار، ستمول موسكو 85٪ منها، وفي عام 2018، وقعت مصر وروسيا اتفاقية تعاون استراتيجي في عام 2018 تهدف إلى تعزيز التجارة الثنائية والعلاقات الأخرى.
وانخفض صافي الاحتياطيات الأجنبية لمصر في مايو إلى 35.5 مليار دولار، انخفاضًا من 37 مليار دولار في أبريل، وفي مارس، خفض البنك المركزي المصري قيمة الجنيه بنسبة 14٪ وسط ضغوط الحرب الأوكرانية على الاقتصاد، كما يعتقد بعض الخبراء أن قرار التحول إلى العملات المحلية في التجارة مع روسيا “كان قرارًا سياسيًا وليس اقتصاديًا”.
ويتكون الروبل من 100 كوبيك بالروسية وكان الروبل العملة المستخدمة في روسيا القيصرية والاتحاد السوفييتي السابق ولا يزال العملة الرئيسية لعدة من دول رابطة الدول المستقلة، والروبل هو العملة الرسمية المتداولة اليوم في كل من روسيا الاتحادية وروسيا البيضاء وترانسنيستريا، بالإضافة إلى اوسيتيا الجنوبية.
ويذكر أن العديد من الدول الأوروبية وافقت على التعامل مع روسيا، بالروبل الروسي وفقا للشروط التي فرضتها روسيا ومن هذه الدول النمسا والمجر وألمانيا وبولندا وبلغاريا.
وكان أعلن وزير التجارة والصناعة الروسي دينيس مانتوروف، أن حجم التجارة بين مصر وروسيا يجعل من الممكن اعتماد الجنيه المصري والروبل الروسي في التعاملات التجارية بين البلدين.