في الوقت الذي كانت تسعى فيه مصر للتخلص من تبعيتها للدولة العثمانية جاءت ثورة ١٩١٩م كأول ثورة قومية في تاريخ مصر الحديث، كبداية لظهور الأمة المصرية كأمة واحدة، ومن ثم ظهور مصر الحديثة التي يقوم نظامها السياسى على أساس القومية المصرية.
وكانت أولى الخطوات في هذا الاتجاه هي السعى للتحرر من ربقة الاحتلال البريطانى والتخلص من التبعية العثمانية، وكان فؤاد سلطاناً على مصر(وملكاً فيما بعد) بموجب تصريح ٢٨ فبراير الذي صدر ٢٨ فبراير ١٩٢٢م، غير أن الاستقلال عن الدولة العثمانية لم يكن الغاية الأولى حيث كانت الرؤية السائدة آنذاك أن الأنفصال عن الدولة العثمانية تماماً يعنى تفتت وحدة العالم الإسلامى، ولكن هذا الوضع أخذ يتغير مع اندلاع الحرب العالمية الأولى (١٩١٤- ١٩١٨م)ودخول الدولة العثمانية في حرب ضد إنجلترا.
وقد انتهزت إنجلترا الفرصة لإنهاء السيادة العثمانية وفرض الحماية البريطانية في نوفمبر ١٩١٤م، وفى الوقت نفسه كانت أمريكا تحشد العالم للتحالف ضد ألمانيا وتركيا والنمسا، ومع انتهاء الحرب وهزيمة الدولة العثمانية أدرك الشعب المصرى أنه غير ملزم بقبول السيادة العثمانية وتبلورت الحركة الوطنية حول فكرتين أساسيتين هما إنهاء الاحتلال البريطانى، وإعلان مصر دولة مستقلة ذات سيادة.
وتعلق أمل المصريين في تحقيق هذين الهدفين على مؤتمر الصلح المقرر عقده في باريس ٢٨ يونيو إلى أن صدر (تصريح ٢٨ فبراير)، الذي نص على: إنهاء الحماية البريطانية على مصر وتكون مصر ذات سيادة، وإلغاء الأحكام العرفية التي أعلنت في ٢٤ نوفمبر ١٩١٤ مع وجود بعض الاشتراطات البريطانية منها تأمين مواصلات الإمبراطورية البريطانية في مصر والحق في الدفاع عن مصر ضد أي اعتداءات أو تدخلات خارجية والحق في حماية المصالح الأجنبية في مصر وحماية الأقليات، وحق بريطانيا في التصرف في السودان وبتحليل هذه التحفظات نجد أنها لا تعطى مصر استقلالاً فعلياً فهى تستمر في فرض الأحكام العرفية حيث استمرار وجود جيش بريطانى في مصر وظلت هناك تدخلات بريطانية في شؤون مصر كما تم فصل مصر عن السودان.