حوار أجرته /د.جيهان رفاعى
تعتبر الأزمة حدثا هاما يترك آثاره العميقة على مختلف جوانب الحياة ، وإذا كانت الأزمة سوف تختفى فإن آثارها ذات حضور قوى ، لذلك لا يجب أن تتوقف وسائل الإعلام عن مجرد تفسير الأزمة والتعامل مع عناصرها بل يجب أن يتخطى الدور الإعلامي هذا البعد لتقديم طرق الوقاية ،وأسلوب التعامل مع أزمات مشابهة ، وبما أن أولادنا هم السنابل الخضراء فى صحراء حياتنا وهم فلذات أكبادنا، وقطعة من قلوبنا لذلك لابد من الاهتمام بصحتهم النفسية والسلوكية فى مثل هذه الظروف من تعرض العالم لوباء كورونا الفتاك ، مما دعا لأن يكون لى هذا اللقاء الهام مع فارس من فرسان جيش مصر الأبيض .. . مع الاستاذ الدكتور / إيهاب عيد … أستاذ الصحة العامة والطب السلوكى بجامعة عين شمس ، ووكيل كلية الدراسات العليا والطفولة بجامعة عين شمس سابقا
وإلى نص الحوار :
س: كيف يمكن تجنب الآثار السيئة التي تتركها هذه الفترة من أزمة كورونا من توتر وقلق وهلع على نفسية أبناءنا ؟
ج: تعتبر هذه الفترة فرصة حقيقية لقضاء وقت ممتع مع الأسرة لإعادة الترابط والتلاحم الذى افتقدناه نتيجة لانشغالنا ويكون ذلك من خلال اللعب مع أبنائنا بألعاب تنمى مهاراتهم العقلية والحسية، و ترغبهم فى التعاون معنا فى أ عمال المنزل مثل، المشاركة فى إعداد الطعام لمنحهم الشعور بالأمان ، فدور الأسرة أهم حاليا لأن دور المدرسة توقف مؤقتا ، فيكون دور الأبوين طوق نجاة للأبناء؛ كي تخرج من الأزمة دون خسائر نفسية وسلوكية ، وذلك عن طريق تخصيص وقت نروي لهم فيه قصص البطولة في الأزمات لتصل المعلومة للطفل دون أوامر أو ملل، والنجاح هنا أن نعدل سلوكيات أطفالنا بصورة غير مباشرة ، فبعض الأطفال تظل عالقة فى ذكرياتهم بعض الأشياء التي قد تحدث اضطرابات سلوكية في مراحل متأخرة ،أو بعد مرور وقت طويل من انتهاء الأزمة فنفاجئ بطفل يأتي له كوابيس، أو يضع إصبعه داخل فمه أو لديه تبول لا إرادى، ولا يخطر ببال أحد أن هذا العرض تابع لمشكلة انتهت بالفعل منذ وقت طويل … ودائما الطفل مدخله لتوصيل المعلومة يجب أن يكون فيه شىء من المداعبة والمرح والمتعة؛ لكى يقتنع الطفل ثم يبدأ يحللها داخل جسمه ؛حتى يصل إلى جميع أنسجته ويستوعبه استيعابا جيد .
س: كيف يمكن أن يعتاد أطفالنا اتباع إجراءات السلامة والصحة للوقاية من فيروس كورونا المستجد ؟
ج: يمكننا أن نجعل الأدوات التي تستخدم حاليا لتجنب العدوى مثل الماسكات، والجوانتيات والمطهرات ،والمسافة الاجتماعية والأسطح وتنظيفها ، وكل هذه الإجراءات فى صورة لعبة مع عروسة بأن نجعلها تلبس ماسك للحماية أو نوصل لهم المعلومة، فى صورة قصة أو مسرحية بأن يقوم شخص بتقمص دور الفيروس وآخرين يتقمصوا دور الأجسام المضادة التى سوف تهجم على الفيروس لتقتله، ويبدأوا فى اللعب بطريقة مضحكة تجذب الأطفال لمتابعتها ، وبذلك تصل المعلومة للطفل بصورة أسرع مع محاولتهم الاستفسار فنشرح لهم المعلومات بطريقة مبسطة .
س: هناك فترة كبيرة سوف تعلق فيها الدراسة ، كيف يمكن التعامل مع أبنائنا خلال تلك الفترة ؟
ج: لابد خلال هذه الفترة أن نوسع هامش التسامح؛ لأن الفترة طويلة ومملة وهناك ضغط أكاديمي كبير غير مبرر، وتعليمات كثيرة عن الملفات والبحوث والامتحان والأبناء في حالة قلق وتوتر ، وهنا لابد من وضع جدول لشغل يوم الطفل على أن يحتوى على أنشطة، وألعاب مع تخصيص وقت للمذاكرة بطريقة احترافية، وفى نفس الوقت نحاول توصيل للأطفال فكرة أنهم أغلى لدينا من الدراسة، وأن صحتهم هى الأهم ونجعلهم يستوعبوا الوضع ويتأقلموا معه بعد شعورهم بصدق إحساسنا معهم ، يجب النظر لموضوع تعليق الدراسة لمدة أسابيع على أنه فرصة لجمع شمل الأسرة مرة أخرى مع التعامل مع الأزمة بهدوء أعصاب، بدون هلع واتباع أصوليات الصحة العامة فى النظافة الشخصية ،والنظافة العامة مع وضع جدول لممارسة عدة أنشطة مع الأبناء لتعويضهم عن توقف الأنشطة فى النوادى ، ويجب اختيار أنشطة مشتركة بين أفراد الأسرة الواحدة ، كما يجب توصيل المعلومات والمهارات السليمة للأبناء وتعريفهم عن الفيروس وكيفية وقاية أنفسهم ، فمن الممكن شرح الفيروس وأعراضه، وطرق الوقاية منه من خلال مجسمات ،أو لوحات تعبيرية، أو قصص تصويرية وحكاوى، وروايات أو من خلال التمثيل حتى تصل المعلومة بشكل سليم .
س: كيف نقنع أبناءنا وخاصة الذكور بالبقاء فى المنزل خلال هذه الفترة من الوباء؟
ج: هناك عدد من الطرق لإقناع أولادنا، وخاصة المراهقين بالبقاء في المنزل خلال هذه الفترة الحرجة خاصة فى ظل صعوبة السيطرة على الأبناء الذكور ، حيث ضرورة أن يشعرهم الآباء والأمهات بأنهم أصدقاء ومحاولة إلقاء الضوء على أن الخروج اليوم من المنزل قد يمنعه غدا إذا أصيب بكورونا ،وهو ما يعد خطرا على صحته وهكذا باتباع طريقة الشرح، والإقناع والحوار وبدونها لا يمكن السيطرة عليهم ، فالمراهق ذكى ولكنه ليس ناضجا فلا تجعله يستخدم ذكائه فيما يضره ويأخذ موقف التحدى ، فلابد من الاحتواء والحنان فى الأسرة، دون تشدد لأن هناك مثلث الخطر ولديه طاقة لابد من تفريغها ، ويمكن أن نتركه يخرج لكن بظوابط أو نشغله بالرياضة فى المنزل ونتجنب الصدام معه والعناد .
س: كيف نتعامل مع الطفل المفرط الحركة أثناء فترة الحظر ؟ وكيفية تجنب عدم التركيز ؟
ج: فرط الحركة وتشتت الانتباه من الأمراض المنتشرة بشكل كبير بين الأطفال فى المجتمع المصرى ، وعادة لا ينتبه الكثير من الأهالى لخطورتها ويعتبرونها نشاطا زائدا للطفل أو تفريغ لطاقة اللعب بداخله، ولكن هذا الأمر ربما ينطوى على جزء مرضي لابد من علاجه والتعامل معه ، وفى حاله زيادة أو قلة الحركة عن معدلها الطبيعي تعنى أن هذا الطفل يعاني من مشكلة وأن زيادة حركة الطفل عن درجة معينة ستؤدي إلى الكثير من الحوادث للطفل والتى سوف ينعكس على علاقته بالآخرين، ويستهلك منه طاقة بشكل غيرمفيد ، كما أن مرض اضطراب و نقص التركيز مرتبط بفرط الحركة ، فأي طفل لديه فرط حركة لابد أن يصاحبه نقص فى التركيز بشكل أساسى ، وفرط الحركة ينتج عن اختلاف درجات النضوج والاستواء لدى بعض مناطق المخ فى الأطفال ، فكلما قل نضج بعض الأطفال كلما زادت سرعة حركتهم مما يسبب تأخرا فى النضوج حركيا وحسيا ولغويا ، وننصح بإعطاء الطفل أطعمة تساعد على نضوج المخ وأشهرها المأكولات البحرية وعين الجمل ،والأطعمة التى تحتوى على مادة الكاروتين الصفراء ومنها صفار البيض والبطاطا الصفراء والموز ، وإذا كان محل السكن ضيقا يتخيل الأهالى أن الطفل مصاب بفرط حركة فى حين أنها قد تكون حركة طبيعية نشيطة للطفل، وعليه يتم كتابة أدوية لتهدئة الحركة ليس بحاجه اليها ، وهنا يختلف العلاج تبعا لحالة الطفل وسلوكياته ويتراوح ما بين علاج غذائى، أو دوائى ويحددها الطبيب النفسى وليس طبيب الأطفال ، ومريض فرط الحركة لا يركز فيما يقال له لذا مستواه الدراسي ينخفض دائما … الأصل فى الموضوع نقص التركيز وليس سرعة الحركة، فكل طفل عنده سرعة حركة لديه نقص تركيز وليس شرط من عنده نقص تركيز يكون لديه سرعة حركة ، والأطفال المتحركون ليسوا مرضى فالله خلق المتحركين والساكنين ، الليليين والنهاريين ، أى خلق أنواع من الناس مختلفين منهم كتابيين ، حسابيين ..الخ ، والمشكلة تبدأ عندما نضع طفل لديه فرط حركة فى مكان محدد مغلق ونقيد حركته بحجة الأدب وهنا ليس هناك علاقة بين الأدب والحركة ، فهل يعقل أن نجعل شخصا غير بارع فى الحساب ونضعه فى عمليات حسابية معقدة ، أو شخص غير متمرس فى اللغة ونضعه فى قسم الترجمة ، وهنا سوف تظهر العورة والنقص على الشخص ويفشل ، وهناك حكمة تقول لو علمت السمكة مدة عشرين سنة لتتسلق الشجرة فلم يحدث ذلك أبدا ،وقد يؤدى إلى اكتئاب السمكة ، فهناك فرق بين إيقاف حركة الطفل المفرط الحركة ،وتوجيه حركته بحيث يمكن الاستفادة من النشاط الزائد له ، والأدوية هنا لغرض تهدئة الطفل لا لإيقاف حركته ، وهنا يوجد مثلث خطر أضلاعه هى: الطاقة ،والفراغ، والضغوط لو اجتمعت ستؤدى ذلك إلى تدمير الطفل ، لذلك لابد من العمل على عدم اكتمال أضلع المثلث ، فمثلا لو طفل لديه فرط حركة مع وجود فراغ فى فترة الحظر مع ضغط نتيجة، وجود مشاكل فى المنزل من مشاجرات وخلافه هنا يحدث الخطر ، لذلك لابد من تدمير هذا المثلث بأن نشغل الفراغ أولا بالأنشطة الممتعة المتغيرة قصيرة المدة وليس كلها الكترونية ، أما الطاقة فنشغلها بألعاب مختلفة ونتركه يفرغ طاقته فى أعمال مفيدة فى المنزل سواء بالتعاون معنا فى المطبخ أو اللعب أو الجرى أو
لعب الكرة … كثير من الأمهات تعاني من شغب أبنائها ، وكثيرا ما نسمع جملة “ابني مفرط في حركته”، لكن هل كل طفل لم يسيطر على تصرّفاته يُعدّ مفرط الحركة ؟ وهل تعلم الأمهات أنّ فرط الحركة مرض نفسي يصيب الأطفال ليجعلهم غير قادرين على إتباع هذه الأوامر ؟ … في هذا الإطار جاءت إحدى الدراسات الحديثة موضحةً أنّ فرط الحركة هو اضطراب نفسيّ وعقليّ لدى الأطفال نسبة حدوثه تتراوح من 3 إلى 7% منهم ، مشيرةً إلى أنّ الأولاد أكثر عرضة له من البنات ويستمر في 40 إلى 70% من الحالات حتى مرحلة المراهقة … وفي هذا السياق إنّ سرعة الحركة وتشتيت الانتباه هما حالة أصيلة في الأطفال ، لكن هناك حالات تكون مبالغ فيها ، كما أنها مسألة نسبية حيث إنّ الطفل المقيم بمنزل به حديقة لن يشعر أحد بفرط حركته مثلما نشعر بها في بيت صغير وضيق … وهناك معياران نستطيع من خلالهما معرفة سرعة الحركة أو ما يسمى “ADD” اضطراب فرط الحركة و”ADHD” اضطراب نقص التركيز مصحوب بفرط الحركة ، وليس بالضرورة كل من يعاني من نقص في التركيز يعاني من فرط الحركة ، لكن على العكس من يعاني من فرط الحركة يعاني من نقص تركيز … أنّ 4 من كل 5 بنات لديهن “ADD” على عكس الأولاد فمن كل 5 أولاد 4 منهم لديهم “ADHD … وقد وضعت الجمعية الأمريكية لطب وسلوك الأطفال 10 معايير لمن يعاني من مرض فرط الحركة ومنها :
1-الحركة المفرطة عن الحد الطبيعيّ .
2-ضعف في الذاكرة قصيرة المدى ولديه قوة في الذاكرة طويلة المدى .
3- الاندفاع وعدم الثبات .
4- يجد صعوبة في السيطرة على تصرفاته .
5- سريع التشتّت في الانتباه .
6- عدم القدرة على الجلوس أو الوقوف بهدوء .
7- كثير الكلام والمقاطعة لمن يتكلم ولا ينتظر سماع باقي الكلام .
8- لا يستطيع الانتظار أو أخذ دوره في أي شيء .
9- عدم القدرة على تقدير الوقت .
10- فوضويّ في كل ما يخصه .
وقد أوضحت الجمعية من أنّ من يتوافر به 8 صفات منها بشرط أنْ يكون عمره من 4-7 سنوات واستمرت هذه الأعراض لمدة 6 أشهر كاملة في بيئات مختلفة فهو يعاني من فرط الحركة ، ولا بد من وضعه في مراحل العلاج الأربعة وهي تتمثل في:
علاج تعليميّ:
ويجب على الأم تأخيره في سن دخول المدرسة ،مع توضيح حالته لتقبّلهم فكرة حركة الطفل أثناء الشرح .
علاج غذائيّ:
تناول مجموعة من الأكلات التي تنّمي نضوج المخ ومنها العدس الأصفر والفول واللوبيا ، بالإضافة إلى المأكولات البحرية ومنتجات الأوميجا 3,6 .
علاج سلوكيّ:
وتكون هذه المرحلة خاصة بالأهل والمدرسة ليتعلّموا كيف يتعاملون مع الطفل بالطرق الصحيحة والفعّالة .
العلاج الدوائيّ:
وهي غالبا ما يكون لها تأثير على تنظيم حركة الطفل مع رفع أداء العقل وزيادة التركيز .
س استخدام أسلوب الضرب للأبناء صح أم خطأ ؟ وما هى حدود العقاب ؟
ج: المدرسة الإنجليزية المتحفظة كانت قد أباحت أسلوب الضرب ، وأنا لست من المتبعين لهذا الأسلوب ولا أرغبه ، فقد توصل العلماء عن طريق الأبحاث أن المخ يتأثر بالعقاب البدنى، ويحدث له تغيرات أثناء تكوين جسم الطفل فى فترة حياته ويسمى ذلك بالنحت الفيزيائي الذى يحدث أثناء تطور عمر الإنسان البنائي ، فهناك تواصل عصبى للأطراف مع المخ وأى عقاب بدنى يؤدى إلى تشوهات فى المخ ، والأشعات والأبحاث أثبتت أن هناك مكونا فى المخ يسمى فرس البحر ،ولوزة المخ يتأثر ويصغر فى حجمه فى النصف الأيمن نتيجة ضرب الأطفال ، وهذا الجزء هو المسئول عن الذاكرة لذلك نجد أن هؤلاء الأطفال مستوى ذاكرتهم أضعف ويكون هناك خلل في الشخصية، أى التأثير ليس نفسى فقط بل عضوي نتيجة لتشويه المخ ، بالإضافة لخلق طفل جبان مضطرب مهان ، ولا يجوز على الإطلاق ضرب الطفل على وجهه أو على رأسه من الخلف، أو هزه بطريقة عنيفة فقد يؤدى ذلك إلى نزيف داخلى …
أى هناك ست موبقات تدمر العلاقة بينك وبين ابنك وتدمر ثقته بنفسه: أولها الضرب ثم التوبيخ المستمر والإهانة والتهديد المستمر، والنقد المستمر والمقارنة بين الأطفال ، كل ذلك يؤدى إلى تدمير ثقة الطفل بنفسه ، فكلما كان أعصاب الأب هادئة كلما كان ذلك أفضل ، لذلك لابد أن تتماشى مع طريقتين طريقة التيم أوت أو الوقت المستقطع وهى تقييد حريته لفترة محددة، ومضايقته والطريقة الثانية هى حرمانه من بعض المزايا أو الأنشطة لفترة محدودة .
س: هل أراقب ابنائي أم أعطى لهم مساحة من الثقة ؟
ج: لابد أن يكون هناك مساحة من الثقة محسوبة ، فمثلا لو أردت أن أفتح درج مكتبه فيكون ذلك فى وجوده؛ لكى أغرس فيه الثقة ، ويمكن أن أعطى له مبلغا من المال على سبيل الأمانة لمدة محدودة، ثم بعد عدة أيام أطلب استرداده ، فإذا رجعه لى كاملا أعطيه مكافأة من هذا المال بنسبة معينة؛ وهذا لأرسخ فيه صفة الامانة والثقة ، ومثلا يمكن أن أتركه فى المنزل بمفرده وأخرج وأقول له لو عدت ووجدت كل شىء كما هو نظيف لك عندى مكافأة وأقوم بذلك فعلا هذا يؤدى إلى زيادة ثقته بنفسه .
س: كيف أتعامل مع الطفل المنطوى ؟
ج: يمكن التعامل مع هذه النوعية من الأطفال عن طريق محاولة إدماجهم فى معسكرات، أو نوادى على أن يكون للمدرب دور تربوى هام فى التعامل مع هذه النوعية بإدماجهم بطريقة غير مباشرة، ولا يجوز الحديث المباشر مع الطفل وتوجيه اللوم له وإجباره على التكلم والمحاورة بطريقة مباشرة لانها ستؤدى إلى نتائج عكسية .
س: هل هناك أخطاء يرتكبها الآباء فى تربية أبنائهم … حدثنا عن ذلك ..
ج: هناك أخطاء يرتكبها الآباء
الخطأ الاول : هو التدليل و “التدليل الزائد الذى يتبعه بعض الآباء بدافع من الحب، وتبدو هذه الحالة بصورة واضحة فى الطفل الأول أو الطفل الذكر بعد عدد من الإناث ، والذى يتم التعامل معه بشكل استثنائى فى التدليل وأيضا فى حالة انفصال الأبوين ، حيث يرغب كل طرف فى جذب مشاعر الطفل له عن طريق تلبية كل طلباته ، وهنا تظهر لدى الطفل عادة فى غاية السوء ، وهى “اللعب على الاختلاف” ، حيث يدرك الطفل أن الاختلاف بين والديه هو أفضل وضع له ، ويبدأ فى نفاق كل منهما للحصول على مزيد من الأشياء المادية … وأحيانا يتبع هذه الطريقة الآباء بغرض تعويض الطفل عن أشياء معينة مثل غياب الأب لفترات طويلة واستبدال دوره التربوى بهدايا عينية للطفل … لذا يجب أن نشير إلى أن تلبية كل طلبات الطفل وإغداقه بالهدايا بسبب أو بدون يضره أكثر مما ينفعه ، فالطفل الذى اعتاد الحصول على كل شىء بدون تقديم المقابل يصل لمرحلة من الزهد ويفقد الإحساس بالإعجاب ، كما تنمو لديه طباع مثل الطمع والأنانية وينشأ إنسان غير قادر على العطاء وراغب دائما فى الحصول على الأشياء دون مقابل” .
الخطأ الثانى: وهو عدم القدرة على الاستماع للآخرين: “يشكو الآباء من أن أطفالهم لا ينصتون إليهم ، ولكنهم لا يدركوا أنهم منذ البداية لم ينموا فيهم حسن الإنصات ، فالتعامل مع الطفل بغرض لفت نظره إلى الحديث يتطلب أن نجعل حديثنا ممتعا كتغير نبرة الصوت أو تقليد أصوات الحيوانات للفت نظره وتعويده على الاستماع ، كما يجب أن يلتفت الآباء إلى طريقة استماعهم لأطفالهم ، ففى حالة تعاملهم مع حديث الطفل بشىء من اللامبالاة أو مقاطعته سيبدأ فى التعامل بنفس الطريقة تجاههم وتجاه الآخرين فيما بعد ، ونساعد نحن بدون أن نشعر فى تنشئة إنسان لا يستمع إلا إلى صوت نفسه ولا يحترم آراء الآخرين”.
الخطأ الثالث:
وهو الترهيب والتخويف ، وغالبا ما يلجأ إليه الأبوان تحت وطأة الاحتياج فى موقف معين بغرض إبعاد الطفل عن فعل ما ، ويكون غالبا باستخدام كائنات خرافية، أو حتى أشخاص بعينهم يتعامل معهم الطفل فى محيط الأسرة مثل الأب أو العم أو أى فرد آخر ، وهذه الطريقة تأتى بنتائج سلبية للغاية على الطفل ، وأول نتيجة على المدى القريب هى إصابته بالكوابيس الليلية وأحيانا التبول اللاإرادى ، كما أنها تعمل على توتر العلاقة بين الطفل وأبويه؛ لأن العلاقة المبنية على الخوف هى علاقة غير صحية ، ويجب أن تكون علاقة الطفل بأبويه مبنية على الحب والاحترام وليس الترهيب والتهديد ، وهو ما ينتج عنه حالة من فقدان الثقة والمصداقية فى الأبوين عندما يتقدم الطفل فى السن نوعا ما ، ويبدأ فى إدراك الحقائق وأن كل ما كان يستخدمه أبواه من أساليب لترهيبه ما هى إلا أشياء وهمية لا وجود لها” .
الخطأ الرابع:
إنشاء طفل شديد العناد ، ورغم أن العلماء يشيرون إلى أن العند لدى الطفل هو أحد مؤشرات الذكاء ، وغالبا ما يشكل العامل الوراثى نسبة كبيرة منه ، وبالتالى فالطفل يكون لديه استعداد مسبق لاكتساب هذه العادة نكملها نحن ، والطفل فى سنوات عمره الأولى يكون لديه إحساس بأن الكون كله يدور فى فلكه ومسخر لخدمته وهو إحساس طبيعى عند جميع الأطفال فى مثل هذه السن والعمل على الحد من هذا عن طريق تجنب التدليل الزائد وتلبية كل طلبات الطفل، لنوصل له رسالة مفادها أن ليس كل ما يريده ويرغبه متاحا ، وأن الكون ليس ملكا له وحده ويجب أن نعلم أن عادة العناد عند الطفل بقدر ما تمثل من إزعاج للأبوين، فهى من العادات الجيدة فى حالة استخدامها بالشكل السليم ، فالطفل العنيد إنسان مثابر يرغب فى الوصول لأهدافه ، ولترشيد هذه العادة يجب على الأبوين استخدام قدرته على المثابرة فى إنهاء الأعمال كإتمام قصة أو لعبة، ويجب عدم إعطائه شيئا قبل إتمام ما كان يقوم به ، ويجب أن لا نتعامل معه بعند كأن نجعل قائمة الممنوعات أكثر من المسموحات ونكثر من قول كلمة لا .
الخطا الخامس:
إنشاء طفل عصبى وعنيف ، العنف أصبح ظاهرة فى المجتمع وحتى فى أفلام الكرتون المخصصة للأطفال ، لذا أصبح طبيعيا أن نجد الأطفال يأتون بأفعال عنيفة فى التعامل ، وما علينا فعله هو القيام بقدر من الرقابة على ما يشاهده الطفل فى الإعلام ، كما يجب علينا التحكم فى أعصابنا وطرق تعاملنا مع الطفل أو مع الآخرين أمامه ، وذلك حتى نوصل للطفل رسالة أن الصوت العالى والعنف ليس من طرق التعامل بين البشر”.
الخطأ السادس : الغضب … فى كثير من الأحيان نغضب على أبنائنا لأمر لا يستحق الغضب، ويكون سبب غضبنا كثرة ضغوط الحياة علينا وينبغى أن نفرق بين ضغط الحياة علينا وضغطنا على أبنائنا، فلا يكون أبناؤنا متنفسا لنا من ضغط الحياة .
الخطأ السابع : الاستهتار … بستهتر بعض الآباء بمشاعر الأبناء أمام الاصدقاء والأهل كأن يتحدث الوالدان عن بول الابن بفراشه، أو أنه يعانى من صعوبة فى النطق، وهذا يترك أثرا سلبيا على نفسية الطفل وقد تزداد حالته سوءا .
الخطأ الثامن : كثرة الانتقاد … أننا نكثر من انتقاد تصرفات أطفالنا يوميا ، ففى هذه الحالة نحن نربيهم على الشك بقراراتهم وطريقة تفكيرهم ، والصواب أن نحاورهم بدلا من انتقادهم ونتقن طريقة التربية بالقصة .
الخطأ التاسع : الانتقاد الدائم … أننا ننتقد أبناءنا على كل خطأ صغير وكبير ، والصواب أن نغض الطرف عن بعض الهفوات، أو نجمع كل ثلاثة أخطاء بتوجيه واحد حتى لا يكره أبناؤنا نصائحنا .