عندما أتأمل الحزن العميق الذي ينتابني بِعد الهجوم على الشيخ علي جمعة، أحد كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الديار المصرية السابق، على مواقع التواصل الاجتماعي، يخيم على قلبي شعور بالأسى والغصة، لإنه عالم يعمل بجد على نشر الفهم الصحيح للإسلام وتوجيه الشباب نحو السلوكيات النبيلة، وتسهيل فهم الدين لهم، لكن للأسف، يُستهدف ويُسخر منه بسبب وجهة نظره المعتدلة.
هذا الهجوم على شيخ من شيوخ الأزهر يؤكد على نقص الاحترام والتقدير لشخصيته ودوره الديني البارز، إنه رمز للعلماء الملتزمين بتعزيز السلام والتسامح والوحدة، يجب علينا جميعاً احترام جهوده وعمله.
بعض المتعصبين يرفضون قبول وجهات النظر المختلفة، وبدلاً من ذلك يلجأون للاستهزاء والهجوم، هذا التصرف في حقيقته يعكس نقصاً في التسامح والاحترام المتبادل، وهذا غير ملائم لقيم الدين الحنيف.
رجل الدين الحقيقي هو الذي ينقل رسالة علمية، وهو الركيزة الأساسية لمنهج الأزهر الشريف الذي يعتبر من أقدم المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي، ويتميز بتعليم الفقه والدين في الداخل والخارج، ومن بين مهامه تجليد الدين وتبسيط الأمور الدينية للشباب، ودعوتهم لمحبة الدين والتعلق به، إن مهمته الكبرى والسامية مستمدة من قيم الدين الإسلامي النبيلة مثل التسامح والرحمة واللطف.
جهود الشيخ علي جمعة، بعيدة عن كونها محل استهزاء، تهدف إلى تجديد الخطاب الديني وتغيير النظرة السلبية التي يمكن أن تكون عقبة أمام الشباب في فهم الدين والتعلق به.
تعيش المجتمعات في زمن من الضيق في فهم الدين، وزيادة الانحياز لقراءات متطرفة للتعاليم الدينية، مما يؤدي إلى تشتت الشباب دينياً ودنياوياً وسياسياً. لذا، يجب التفكير في تجديد الخطاب الديني وتغيير النظرة السلبية التي قد يتعرض لها الشباب أحيانًا، ويتعين دفعهم نحو التدين بأساليب لطيفة ومحببة، دون ترهيب أو قسوة.
من الضروري أن نعيد الدين إلى مساره الأصلي، الذي هو السهولة واليسر، ونتجنب التشدد الذي يثير البلبلة والانقسامات، الدين يعبر بجميع مكوناته عن السلام والرحمة والتسامح، وهذا ما يبرزه الشيخ علي جمعة من خلال جهوده في تبسيط الدين وجعله مفهومًا للجميع وللشباب بوجه الخصوص لأنهم هم الهدف، يُنبغي علينا الحفاظ على تراث الدين وقيمه النبيلة، وتشجيع الشباب على فهم الدين بروح من التسامح والرحمة.
التراث الديني هو عبارة عن مرآة تعكس تاريخ وثقافة شعوبنا، كما أنه مصدر للقيم النبيلة التي تشكل أساس تعايشنا في حياتنا اليومية من خلال الاهتمام بحفظ هذا التراث ونقله إلى الأجيال القادمة، ويمكننا تعزيز الوعي الديني لدى الشباب وتشجيعهم على فهم الدين بروح من التسامح والرحمة.